الجمعة، 27 يوليو 2018

مصدر قصة عدم كسر ساقيّ يسوع، وخروج دم وماء من جسده بعد أن طعن أحد الجنود جنبه بحربة

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم الرابعالنصوص المنسوبة مباشرة للعهد القديم
في هذا القسم سنطلع على النصوص المنسوبة للعهد القديم مباشرة وقول كتبة الأناجيل أنها لم تتم وتكتمل وتحدث إلا في يسوع وزمنه وجيله، لنرى حقيقتها ومدى صدق ما قاله الكتبة عنها.
17 - مصدر قصة عدم كسر ساقيّ يسوع، وخروج دم وماء من جسده بعد أن طعن أحد الجنود جنبه بحربة
- ثم إذ كان استعدادٌ فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن ذلك السبت كان عظيماً سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويُرفعوا،
فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه،
وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات،
لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء،
والذي عاين شهد وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم،
لأن هذا كان ليتم الكتاب القائل عظم لا يُكسر منه،
وأيضاً يقول كتاب آخر سينظرون الى الذي طعنوه. (يوحنا 19: 31-37)
هذه القصة انفرد بذكرها يوحنا واستشهد بنصين من العهد القديم للدلالة على صدق ما كتبه، وأول ما نلاحظه في النص، والذي يشكك ليس فقط في كون هذا النص وحياً بل وفي حقيقة القصة كلها، هو قوله أن الجنود رأوا يسوع قد مات وفي هذا أكبر دليل على أن يسوع لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض، من ناحية الصفات والطبيعة، لأن الرب خالق السموات والأرض حي لا يموت كما في النص التالي:
- انظروا الآن، أنا أنا هو وليس إله معي،
أنا أُميت وأُحيي وسحقتُ وإني أُشفي وليس من يدي مُخَلِصٌ،
إني أرفع الى السماء يدي وأقول حيّ أنا الى الأبد. (تثنية 32: 39-40)
الملاحظة الثانية وهي قوله أن ذلك السبت كان عظيماً، وهذا القول يحمل الكثير من الإثارة الإعلامية أكثر من الحقيقة، لأنه لا يوجد في التوراة أو عند اليهود سبت عظيم وسبت غير عظيم فالسبت هو اليوم المقدس عند اليهود سواء كان في يوم الفصح أو في باقي السنة!
الملاحظة الثالثة وهي قوله أنه بعد أن طعنه أحد الجنود في جنبه خرج دم وماء، فهذا الأمر يدل على أن كاتبه لم يشاهد في حياته انساناً أو حيواناً مطعوناً أو مذبوحاً، لأنه من البديهيات المتعارف عليها هو ان كل سوائل جسم الكائنات الحية تكون ممتزجة مع بعضها البعض وتشكل الدم، ولا يوجد كائن حي يكون الماء منفصلاً عن الدم في جسمه! وحتى لو قلنا أن يسوع حالة خاصة فكيف سيبقى في جسده ماء ويوحنا نفسه كتب في إنجيله أن يسوع مات عطشاناً على الصليب؟! كما في النص التالي:
- بعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال أنا عطشان. (يوحنا 19: 28)
الملاحظة الرابعة وهي على قوله سينظرون الى الذي طعنوه، فهذا القول يُبطل قول الكنائس من أن صيغة الجمع المستخدمة بحق الرب الخالق في العهد القديم تشير الى الثليث، لأن يوحنا هنا يستخدم صيغة الجمع مع أن الذي طعن يسوع هو واحد!
ولكن على الرغم من هذه الملاحظات وغيرها إلا أننا سنستعرض النصين من العهد القديم لنرى إن كانا قد بقيا غير تامين حتى طعن الجندي يسوع وخرج منه دم وماء كما قال من عاين وشهد وهو يعلم أنه يقول الحق ليؤمن أتباع الكنائس الطيبين، أم انهما يتحدثان عن أُمور لا علاقة لها بخروج الدم والماء ولا بكسر العظام!
النص الأول مكتوب في المزمور الرابع والثلاثين، والنص الثاني مذكور في سفر زكريا الإصحاح الثاني عشر، وفيما يلي استعراض لهما:
- المزمور الرابع والثلاثون لداوُد عندما غيّر عقله قدّام أبيمالك فطرده فانطلق.
أُبارك الرب في كل حين، دائماً تسبيحه في فمي،
بالرب تفتخر نفسي، يسمع الودعاء فيفرحون،
عظّموا الرب معي ولنعلّ اسمه معاً.
كما نقرأ فإن هذا المزمور لداوُد، وقاله عندما طرده أبيمالك، فانطلق ثم بدأ داوُد بتسبيح الرب وتعظيمه وإعلاء اسمه، ثم يُكمل كلامه فيقول:
- طلبت إلى الرب فاستجاب لي ومن كل مخاوفي أنقذني.
هذه الفقرة تبين ان الرب استجاب لداوُد وأنقذه من كل مخاوفه، وأما إذا قلنا ان النص يتحدث عن يسوع، وأنه لم يتم إلا في زمنه كما يريد ان يُقنع يوحنا أتباع الكنائس الطيبين فهذا يعني ان هذا القول غير صحيح، لأن إله يسوع لم يستجب له في إنقاذه من مخاوفه مما اضطره وهو معلق على الصليب الى ان يصرخ بصوت عظيم ويقول إلهي إلهي لماذا تركتني، فإذا كان إله يسوع قد تركه وهنا في هذا المزمور يقول ان الرب استجاب لمن طلب منه فهو بالتأكيد لا يقصد يسوع.
- نظروا إليه واستناروا ووجوههم لم تخجل،
هذا المسكين صرخ والرب استمعه ومن كل ضيقاته خلّصه،
ملاك الرب حالٌّ حول خائفيه ويُنجّيهم،
ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه.
وهذه الفقرات كذلك تقول ان هذا المسكين صرخ والرب استمعه، ولكن يسوع كما تقول الأناجيل بقي طوال الليل يدعو ويصلي كي تعبر عنه تلك الكأس ولا يُصلب ولكن الرب لم يستجب له، فلو كان هذا المزمور يتحدث عن يسوع لما صُلب على الخشبة كما تقول الاناجيل، لان الرب كان سيُخلصه من كل ضيقاته، وأما فقرة ملاك الرب حالٌّ حول خائفيه ويُنجّيهم، فهي تؤكد أن النص لا يتحدث عن يسوع لأنه على الرغم مما كتبه لوقا عن ظهور ملاك ليسوع يقوّيه كما في النص التالي:
- وظهر له ملاك من السماء يُقوّيه. (لوقا 22: 43)
إلا أن هذا الملاك لم يُنَجّ يسوع مما اضطره وهو مُعلق على الصليب أن يصرخ بصوت عظيم إلهي إلهي لماذا تركتني. (مرقس 15: 34).
- اتقوا الرب يا قدّيسيه لأنه ليس عوز لمُتقيه،
الاشبال احتاجت وجاعت وأما طالبوا الرب فلا يعوزهم شيء من الخير،
هلمّ أيها البنون استمعوا إليّ فأُعلمكم مخافة الرب،
من هو الإنسان الذي يهوى الحياة ويُحب كثرة الأيام ليرى خيراً،
صُن لسانك عن الشرّ وشفتيك عن التكلم بالغش،
حِد عن الشرّ واصنع الخير اطلب السلامة واسع وراءها،
عينا الرب نحو الصّدّيقين وأُذناه إلى صُراخهم،
وجه الرب ضدّ عاملي الشرّ ليقطع من الأرض ذكرهم،
أولئك صرخوا والرب سمع ومن كل شدائدهم أنقذهم.
هذه الفقرات تتحدث عن البنين وان الرب أنقذهم من كل الشدائد، وكل من قرأ شيئاً عن حياة تلاميذ يسوع يعلم أن هذه الفقرات لا تتحدث عنهم، لأنهم عاشوا في ضنك وذاقوا كل أنواع الشدائد فمنهم من جُلد ومنهم من صُلب ومنهم من قُتل بالسيف ومنهم من رُجم بالحجارة وغيرها الكثير مما تخبرنا به الكتب التي تتحدث عنهم، فواقع حالهم لا يدل على أن هذه الفقرات تقصدهم، في حين أن أبناء داوُد قائل هذا المزمور عاشوا مُنقَذين من كل الشدائد وكانوا في رغد من العيش كأبناء الملوك، لا بل كانوا ملوكاً وأبناء ملوك.
- قريب هو الرب من المنكسري القلوب ويُخلص المُنسحقي الروح،
كثيرة هي بلايا الصّديق ومن جميعها يُنجّيه الرب،
يحفظ جميع عظامه،
واحد منها لا ينكسر.
في هذه الفقرات يبدأ حديث عن الصّديق وعن الشدائد التي يُنَجّيه منها الرب وانه يحفظ جميع عظامه ولا ينكسر منها أي واحد، وهذه الفقرة هي التي استشهد بها يوحنا على قصته تلك، وأنا أتساءل أين هي الفقرات التي تتحدث عن صلب هذا الصديق وعن طعن احد الجنود له حتى يقول يوحنا ان هذه الفقرة تمت في ذلك الوقت؟
هل يوجد أيّة إشارة مباشرة أو غير مباشرة تدل على حادثة الصلب والطعن؟
وهذا الصّديق أين وجد يوحنا انه إله وابن إله وأحد الأقانيم الثلاثة حتى يقول إن هذه الفقرة تمت في حادثة الصلب والطعن، وكل الدلائل تشير الى انه إنسان صالح وصدّيق وهو ما ينطبق على آلاف الأشخاص وخاصة داوُد قائل هذا المزمور؟
ألم يكن من الأفضل ليوحنا أن يذكر لنا قصة تظهر يسوع وقد رمى نفسه من فوق جدار الهيكل او غيره من الأماكن العالية ولم تنكسر عظامه ثم يستشهد بهذا النص فيكون أكثر واقعية على تحققه في يسوع؟!
وباقي المزمور يتحدث عن أن من يتكل على الرب لا يعاقبه.
- الشر يُميت الشرير ومُبغضو الصّديق يعاقبون،
الرب فادي نفوس عبيده وكل من اتكل عليه لا يُعاقب. (مزمور 34: 1-22)
من هذه القراءة للمزمور نجد أن يوحنا لم يوفق في اقتباس فقرة عظم لا يكسر منه، مع أنه قام بالتلاعب في كلمات فقرة المزمور كما نلاحظ، ووضعها في قصة الصلب.
النص الثاني وهو في كتاب زكريا، ويبدأ بالقول:
- وحي كلام الرب على إسرائيل،
يقول الرب باسط السموات ومؤسس الارض وجابل روح الانسان في داخله،
هاأنذا أجعل أُورشليم كأس ترنح لجميع الشعوب حولها، وأيضاً على يهوذا تكون في حصار أُورشليم،
ويكون في ذلك اليوم أني أجعل أُورشليم حجراً مشوالاً لجميع الشعوب،
وكل الذين يشيلونه ينشقّون شقاً،
ويجتمع عليها كل أُمم الأرض،
في ذلك اليوم يقول الرب أضرب كل فرس بالحيرة وراكبه بالجنون،
وأفتح عيني على بيت يهوذا وأضرب كل خيل الشعوب بالعمى،
فتقول أُمراء يهوذا في قلبهم إن سكان أُورشليم قوة لي برب الجنود إلههم،
في ذلك اليوم أجعل أمراء يهوذا كمصباح نار بين الحطب،
وكمشعل نار بين الحزم،
فيأكلون كل الشعوب حولهم عن اليمين وعن اليسار فتثبت أُورشليم أيضاً في مكانها بأُورشليم،
ويُخلص الرب خيام يهوذا أولاً لكيلا يتعاظم افتخار بيت داوُد وافتخار سكان أُورشليم على يهوذا.
كما نلاحظ فان هذا الإصحاح عبارة عن وحي الرب باسط السموات ومؤسس الارض على إسرائيل، ثم يبدأ  بالحديث عن أُورشليم وان الرب سيجعلها حصينة ومنيعة على الأعداء من كل الشعوب التي حولها والذين يحاصرونها، وتجعلهم كالسكارى في ترنحهم من قوتها ومنعتها، وان الرب سيجعلها كالحجر المشوال، كل من يحاول ان يحمله فانه ينشق من ثقله، ولو اجتمعت عليها كل أُمم الارض فانهم لا يقدرون عليها، وكذلك يقول الرب انه سيضرب في يوم حصارها كل فرس بالحيرة وكل فارس بالجنون وانه سيُعمي كل خيول الشعوب المحاصِرة لأُورشليم، وانه في نهاية الامر ستهزم أُورشليم كل الشعوب التي حولها.
وهذا الاستعراض التاريخي لأُورشليم هو بالتأكيد لا يتحدث عن الفترة التي كان يسوع يعيش فيها، لأن أُورشليم في ذلك الوقت كانت واقعة تحت الاحتلال الروماني، ولم تكن هناك حروب بين أُورشليم والشعوب التي حولها، بل كانوا خاضعين جميعاً للرومان، ويسوع نفسه كان يدفع الجزية للرومان ويأمر تلاميذه بذلك بقوله أعطوا ما لقيصر لقيصر، فالنصّ يتحدث عن زمن غير زمن يسوع.
في ذلك اليوم يستر الرب سكان أُورشليم فيكون العاثر منهم في ذلك اليوم مثل داوُد،
وبيت داوُد مثل الرب، مثل ملاك الرب أمامهم.
هذه الفقرات هي مقدمة للفقرة التي قال يوحنا انها تتحدث عن يسوع، لهذا سنتفحصها بدقة شديدة لنتبين حقيقة ما تقصده من معان، فنجد ان الرب يُكمل وحيه عن أُورشليم الذي وصف فيه حال الهزيمة للشعوب التي حول أُورشليم، فيقول انه في ذلك اليوم، أي يوم هزيمة تلك الشعوب، يستر سكان أُورشليم ويحفظهم حتى ان العاثر منهم، وفي كتاب الحياة الترجمة الانجليزية الضعيف منهم أو الأضعف، كما في النصّ التالي:
- On that day the LORD will shield those who live in Jerusalem,
So that the feeblest among them will be like David,
And the house of David will be like God,
Like the Angle of LORD going before them. (Zechariah 12: 8)
يكون مثل داوُد، أي مثلما أنجا الربُ داوُد سينجيه، ومثلما ستر الرب داوُد عن أعين أعدائه سيستره، وبيت داوُد مثل الرب مثل ملاك الرب أمامهم، وهذه الفقرة لا تُشير الى أن بيت داوُد سيكونون مثل الرب! بل تدل وبكل وضوح على ان قوة الرب وقوة ملاك الرب ستكون معهم، كما حدث مع موسى عندما كان بنو اسرائيل في البرية، فقد أرسل الرب له ملاكاً يقودهم في طريقهم، وكما حدث مع بني اسرائيل في بعض حروبهم فقد كان الرب يرسل ملاكه ليحارب معهم، كما في النصوص التالية:
- فانتقل ملاك الرب السائر أمام عسكر اسرائيل وسار وراءهم. (خروج 14: 19)
ها أنا مرسل ملاكاً أمام وجهك ليحفظك في الطريق وليجيء بك الى المكان الذي أعددته،
احترز منه واسمع لصوته ولا تتمردّ عليه لأنه لا يصفح عن ذنوبكم لأن اسمي فيه،
ولكن إن سمعت لصوته وفعلت كل ما أتكلم به أُعادي أعداءك وأُضايق مُضايقيك،
فإن ملاكي يسير أمامك ويجيء بك الى الأموريين والحثيين والفرزيين والكنعانيين والحويين واليبوسيين فأُبيدهم. (خروج 23: 20-23)
- هو ذا ملاكي يسير أمامك. (خروج 32: 34)
- وأنا أرسل أمامك ملاكاً وأطرد الكنعانيين. (خروج 33: 2)
- وحدث لما كان يشوع عند أريحا أنه رفع عينيه ونظر وإذا برجل واقف قبالته وسيفه مسلول بيده، فسارع يشوع إليه وقال له هل أنت لنا أو لأعدائنا،
فقال كلا بل أنا رئيس جند الرب، الآن أتيت، فسقط يشوع على وجهه إلى الأرض وسجد وقال له بماذا يكلم سيدي عبده. (يشوع 5: 13-14)
- وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفاً. (الملوك الثاني 19: 35)
- ورفع داوُد عينيه فرأى ملاك الرب واقفاً بين الارض والسماء وسيفه مسلول بيده وممدود على أُورشليم. (الايام الاول 21: 16)
- فأرسل الرب ملاكاً فـأباد كل جبار بأس ورئيس وقائد في محلة ملك أشور. (الايام الثاني 32: 21)
فالنص يشير الى انه في ذلك اليوم ستنتصر أُورشليم على أعدائها من كل الشعوب التي حولها، وهذا اليوم لم يكن في زمن يسوع بالتأكيد لان أُورشليم كانت في ذلك الوقت خاضعة لحكم الرومان.
ثم يُعيد النصّ التأكيد على ذلك اليوم بالقول:
- ويكون في ذلك اليوم أني ألتمس هلاك كل الأُمم الآتين على أُورشليم.
وهذا الهلاك لم يحدث في زمن يسوع لأن جميع الأُمم التي حول أُورشليم وأُورشليم ذاتها ويسوع نفسه كانوا تحت حكم الرومان.
- وأفيض على بيت داوُد وعلى سكان أُورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إليَّ، الذي طعنوه، وينوحون عليه كنائح على وحيد له،
ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره،
في ذلك اليوم يعظم النوح في أُورشليم كنوح هدد رمّون في بقعة مجدّون.
في هذه الفقرات يقول الرب انه في ذلك اليوم يُفيض على بيت داوُد وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إليه، وهنا يبدأ النص الذي استشهد به يوحنا، وأول ما نلاحظه هو تحريف يوحنا لنص زكريا، فيوحنا يقول ينظرون الى الذي طعنوه، ونص زكريا يقول ينظرون إليّ، أي الى الرب الذي هزم كل أعداء أورشليم وأهلكهم وأفاض عليهم التضرعات وروح النعمة.
نص يوحنا من نسخة الملك جيمس:
19:37 And again another scripture saith, They shall look on him whom they pierced.
نص زكريا من نسخة الملك جيمس:
12:10 And I will pour upon the house of David, and upon the inhabitants of Jerusalem, the spirit of grace and of supplications: and they shall look upon me whom they have pierced, and they shall mourn for him, as one mourneth for [his] only [son,] and shall be in bitterness for him, as one that is in bitterness for [his] firstborn.
نص زكريا من النسخة العبرانية:
12:10 And I will pour upon the house of David, and upon the inhabitants of Jerusalem, the spirit of grace and of supplication; and they shall look unto Me because they have thrust him through; and they shall mourn for him, as one mourneth for his only son, and shall be in bitterness for him, as one that is in bitterness for his first-born.
نص زكريا من النسخة السبعينية:
12:10 And I will pour upon the house of David, and upon the inhabitants of Jerusalem, the spirit of grace and compassion: and they shall look upon me, because they have mocked me, and they shall make lamentation for him, as for a beloved friend, and they shall grieve intensely, as for a firstborn son.
الملاحظة الثانية أن نص زكريا لا يتحدث عن عملية الصلب ولا عن عملية طعن أحد الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر! بل عن عملية إهلاك الشعوب التي تحارب أُورشليم وانتصارها عليهم.
ثم ينتقل النصّ للحديث عن الذي طعنوه وهو بالتأكيد ليس الرب باسط السموات ومؤسس الأرض الذي نصرهم وهزم أعدائهم، وأنا الآن لا أريد الدخول في تخمينات واستنتاجات ليست يقينية، لهذا سأفترض ان النص يتحدث عن يسوع بعيداً عن تحريف يوحنا لنص زكريا، فيُكمل النص بالقول ان سكان أورشليم ينوحون عليه كالنائح على وحيده، كما أنهم يكونون في مرارة كمن هو في مرارة على بكره، ويقول ان ذلك النوح يكون عظيماً ويكون في كل أُورشليم، وهذا الأمر لم يكتب لنا يوحنا ولا غيره من كتبة الاناجيل انه وقع وقت صلب يسوع! وكل ما ذكروه يتحدث عن بعض النسوة اللواتي جئن معه من الجليل، وكن يبكين عليه، حتى ان تلاميذه، كما كتب يوحنا نفسه في إنجيله، بعد هربهم ليلة إلقاء القبض عليه لم يكونوا يخرجون من بيوتهم بعد صلبه خوفاً من اليهود (يوحنا 20: 19)، فأي نوح ومرارة عمّت أُورشليم وقت الصلب حتى تشبه نَوْح هدد رمون في بقعة مجدّون، لو كان النص يتحدث عن يسوع؟!
ثم يبين النائحين عليه في الفقرات التالية:
- وتنوح الارض عشائر عشائر على حدتها،
عشيرة بيت داوُد على حدتها ونسائهم على حدتهن،
عشيرة بيت ناثان على حدتها ونسائهم على حدتهن،
عشيرة بيت لاوي على حدتها ونسائهم على حدتهن،
عشيرة شمعي على حدتها ونسائهم على حدتهن،
كل العشائر الباقية عشيرة عشيرة على حدتها ونسائهم على حدتهن. (زكريا 12: 1-14)
ولم يكتب أحد انه ناحت على يسوع هذه العشائر أو غيرها، وهذا يدل على ان النص لا يتحدث عن يسوع، وان ما اقتبسه يوحنا منه قد قام بتحريفه!
من كل ما سبق يظهر لنا أن يوحنا وباقي كتبة الأناجيل كانوا يستخدمون نصوص العهد القديم لكتابة قصصهم لإضفاء حالة من القداسة والمصداقية عليها، حتى لو اضطرهم الأمر الى تحريف وتغيير معاني نصوص العهد القديم أو الى كتابة قصص لا تتوافق مع طبيعة الكائنات الحية كخروج الدم والماء منفصلين عن بعضهما، وهذا يدل على أن قانون لا تقبل خبراً كاذباً ينطبق على قصة يوحنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق