الخميس، 26 يوليو 2018

مصدر منع يسوع للطلاق ومصدر قوله ان اليهود يعبدون الرب بالباطل

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم الخامس: النصوص المستشهد بها في الحوارات والمجادلات
في هذا القسم سنطلع على بعض الحوارات والمُجادلات التي كتبت في الأناجيل وتم الاستشهاد فيها بنصوص من العهد القديم لنرى إن كان كتبة الأناجيل قد نجحوا في كتابة تلك الحوارات والمُجادلات بما يتوافق مع نصوص الأناجيل ونصوص العهد القديم أم أنهم كتبوا حوارات ومجادلات تتناقض مع نصوص الأناجيل ونصوص العهد القديم كما ظهر لنا في القسم السابق.
11 - مصدر قول يسوع عن منع الطلاق
- وجاء إليه الفريسيون ليُجربوه قائلين له هل يحلّ للرجل أن يُطلق امرأته لكل سبب،
فأجاب وقال لهم أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأُنثى وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمّه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً،
إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد، فالذي جمعه الإله لا يُفرقه إنسان،
قالوا له فلماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلق،
قال لهم إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلقوا نساءكم،
ولكن من البدء لم يكن هكذا،
وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأُخرى يزني،
والذي يتزوج بمطلقة يزني،
قال له تلاميذه إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يُوافق أن يتزوج،
فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أُعطي لهم،
لأنه يُوجد خصيان وُلدوا هكذا من بطون أُمهاتهم ويُوجد خصيان خصاهم الناس ويُوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل مملكة السماء،
من استطاع أن يقبل فليقبل. (متّى 19: 3-12)
- فتقدم الفريسيون وسألوه هل يحلّ للرجل أن يُطلق امرأته ليُجرّبوه،
فأجاب وقال لهم بماذا أوصاكم موسى،
فقالوا موسى أذِنَِ أن يُكتب كتاب طلاق فتطلق،
فأجاب يسوع وقال لهم من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية،
ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأُنثى خلقهما الإله،
من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته،
ويكون الاثنان جسداً واحداً، إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد،
فالذي جمعه الإله لا يُفرقه إنسان. (مرقس 10: 2-9)
في هذين النصين، بالإضافة لبعض النصوص الأُخرى، تم منع الطلاق، ومن ثم قامت الكنائس بمنع تعدد الزوجات وأقامت طقس تكريس الأزواج الذي يتم فيه حلول الروح المقدس في الأزواج ليصبح الجسدان جسداً واحداً! والمهم هنا هو أن النصين عبارة عن حوار أو مجادلة بين يسوع والفريسيين تم فيهما الاستشهاد بنص من العهد القديم لهذا يجب البحث عن حقيقة وصدق هذا الاستشهاد، وهنا لا بد من تسجيل بعض الملاحظات على النصين قبل الحديث عن النص المستشهد به.
الملاحظة الأُولى وهي على الصيغة التي كتب فيها النصان، فمتّى كتب أن يسوع قال لهم أما قرأتم ثم بدأ يستشهد بالعهد القديم في حين أن مرقس جعل الكلام وكأنه من قول يسوع وليس من العهد القديم، وهذا يبين أن كتبة الاناجيل كانت لديهم القدرة على صياغة أناجيلهم كما يريدون بعيداً عن طرق الوحي المعروفة، كما أن صياغة باقي الفقرات تظهر اختلافاً كبيراً بينهما كما هو ظاهر.
الملاحظة الثانية وهي على كتابتهما على لسان يسوع ان موسى هو من أمر بالطلاق لقسوة قلوبهم، فهذه الفقرة محاولة منهما للتقليل من قيمة الناموس، للقول أن شرائعه ليست جميعها من الرب، وهو أيضاً فيه اتهام لموسى بكتابة بعض الشرائع من تلقاء نفسه، وهذا أمر غير مقبول ولا معقول، فهل يستطيع موسى كتابة أو فرض شرائع لم يأمر الرب بها دون الخوف من أن يُعاقبه الرب على الزيادة على شرائع الناموس كما بينت ذلك سابقاً.
الملاحظة الثالثة وهي على قوله ويكون الاثنان جسداً واحداً، فهذا القول خطأ لأنه من المعلوم ان الرجل والمرأة ليسا جسداً واحداً، سواء في الواقع أو في الوظائف، فهما منفصلان جسديا ووظائفهما الطبيعية مختلفة سواء في الحمل والرضاعة وغيرهما من الوظائف، فلو قال يكون الاثنان روحاً واحدة لكان أقرب للصواب.
الملاحظة الرابعة وهي على قوله ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل مملكة السماء، فهذا أيضاً من غرائب الأقوال التي ذكرت على لسان يسوع في الاناجيل، فهو بهذا القول يحض أتباعه على خصي أنفسهم، وهي الخطوة التالية التي كان يسعى لها كتبة الاناجيل بمنعهم الطلاق، ومن أشهر من قام بتنفيذ هذه الوصية وخصى نفسه أوريجانوس من آباء الكنيسة في القرن الثالث!
الملاحظة الخامسة وهي على موقف تلاميذه من هذه الأقوال بقولهم، قال له تلاميذه إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج، فإذا كان تلاميذ يسوع قد اعترضوا على منع الطلاق وهم كما تصفهم الكنائس رُسُله، فهل هذا القول يوافق الطبيعة البشرية؟
إن كل محاولات الكنائس على مدار التاريخ وعلى الرغم من كل حملات الوعظ والإرشاد والزجر والتهديد إلا أن هذا القول لم توافق عليه الطبيعة البشرية فنجد في ايطاليا، وعلى الرغم من تحريم الكنيسة الكاثوليكية للطلاق، فبمجرد أن أُقرّ الطلاق في القانون المدني حتى سارع آلاف الأزواج بتقديم طلبات للطلاق ولسان حالهم يقول إن ما جمعه الإله لا يفرقه احد ليس قولاً صحيحاً وإلا لما تفرقت هذه الآلاف!
نأتي الآن للحديث عن النص الذي استشهد به متّى ومرقس على لسان يسوع لمنع الطلاق واتهام موسى بأنه كتب الطلاق لقسوة قلوبهم بعيداً عن أمر الرب ووحيه.
- فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي،
هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أُخذت،
لذلك يترك الرجل أباه وأُمّه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً. (تكوين 2: 23-24)
هذا هو النص الذي استشهد به كتبة الاناجيل على لسان يسوع لمنع الطلاق!
وهذا النص يريد كتبة الاناجيل أن يقولوا لأتباعهم الطيبين انه لم يفهمه احد من الأنبياء السابقين على منع الطلاق ولا على منع تعدد الزوجات بدءاً من آدم وانتهاءاً بآخر أنبياء بني إسرائيل حتى جاء متّى ومرقس، وفهما النص ونسباه ليسوع!
إن قراءة هذا النص من قبل جميع أنبياء بني اسرائيل كل هذه القرون، ولم يفهموا منه منع الطلاق أو منع تعدد الزوجات يثير الكثير من الشكوك حول فهم متّى ومرقس له!
إن الصفة التي تقدمها الاناجيل والكنائس ليسوع باعتباره إله وابن إله وأحد الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، كان على متّى ومرقس ان يتذكراها في هذه القصة بالذات، فإذا رغب متّى ومرقس والكتبة الآخرون أو حتى يسوع نفسه أن يمنع الطلاق بين أتباعهم فانه كان من الممكن كتابة فقرة تقول إن يسوع يمنع الطلاق بين أتباعه وتنتهي القصة، ودون إحداث أي تناقض أو اضطراب في نصوص العهد القديم، وهم فعلوا هذا كثيراً ومنها قوله قيل عين بعين وأنا أقول من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأخر، وقوله قيل أوْفِ بأقسامك للرب وأنا أقول لا تحلف البتة، وهكذا الكثير من التعاليم، فبمجرد كتابة قول ليسوع بنهي أو أمر يصبح تعليماً وتشريعاً عندهم دون الحاجة للدخول في تفسيرات  لنصوص العهد القديم تظهر أنها تفسيرات خاطئة، وخاصة أنهم كتبوا على لسانه انه لم يأت لينقض الناموس بل ليكمل!
إن ذكر العهد القديم لكثير من القصص عن تعدد زوجات الأنبياء كان يجب أن يكون دافعاً لمتّى ومرقس كي لا يكتبا هذا التفسير الغريب للنص حتى لا يتعارض مع واقع حال الأنبياء، فهو لا يتهم هنا بني اسرائيل العاديين بل يتهم الأنبياء العظام ابتداء من إبراهيم ويعقوب وانتهاء بداوُد وسليمان وهم جميعاً من المفترض أنهم آباء يسوع كما كتب متّى نفسه في نسب يسوع!
وللتذكير فقط أود أن أذكر بعض نصوص العهد القديم التي تتحدث عن تعدد الزوجات عند أنبياء بني اسرائيل وملوكهم:
يعقوب يتزوج ليئة وراحيل وجاريتاهما زلفة وبلهة. (تكوين الاصحاح 29)
ثم أخذ داوُد أخينوعم من يزرعيل فكانتا له كلتاهما امرأتين. (صموئيل الاول 25: 43)
- وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات من الأُمم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يُميلون قلوبكم وراء آلهتهم،
فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة،
وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري،
فأمالت نساؤه قلبه، وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أُخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داوُد أبيه. (الملوك الاول 11: 1-4)
فهذه النصوص تدل على ان تعدد الزوجات كان مباحاً للناس حتى جاء كتبة الاناجيل واستشهدوا بهذا النص ليقولوا ان الطلاق كان ممنوعاً منذ البدء ومن ثم قامت الكنائس بمنع تعدد الزوجات، مع انه يوجد ليسوع عدداً من الآباء ولدوا من زيجات ثانية أو ثالثة أو عاشرة كما كتب متّى ولوقا في نسبيهما اللذين كتباه له، فهل هؤلاء الآباء أولاد زنى كما يحاول كتبة الاناجيل أن يقولوا عن من يتزوج بامرأة مطلقة أو امرأة ثانية انه يزني؟!
كما أنه يوجد نص في العهد القديم يُشير الى أن تعدد الزوجات سيبقى الى آخر الزمان ويكون مسموحاً به، وهو كما يلي:
فتمسك سبع نساء برجل واحد في ذلك اليوم قائلات نأكل خبزنا ونلبس ثيابنا ليُدع فقط اسمك علينا، انزع عارنا. ص4 نهاية الاصحاح3 (إشعياء 4: 1)
فهذا النص كيف ستتعامل معه الكنائس وهو يتحدث عن زواج الرجل بسبع نساء كي ينزع عارهن؟!
بالاضافة الى أن يسوع قال مثلاً عن مملكة السماء يدل على عدم منع تعدد الزوجات وهو كما يلي:
- حينئذ تشبه مملكة السماء عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس، وكان خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات،
أما الجاهلات فأخذن مصابيحهن ولم يأخذن معهن زيتاً، وأما الحكيمات فأخذن زيتاً في آنيتهن مع مصابيحهن، وفيما أبطأ العريس نعِسن جميعهن ونِمن،
ففي منتصف الليل صار صراخ هو ذا العريس مُقبل فاخرجن للقائه،
فقامت جميع أُولئك العذارى وأصلحن مصابيحهن، فقالت الجاهلات للحكيمات أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ،
فأجابت الحكيمات قائلات لعله لا يكفي لنا، ولكن بل اذهبن الى الباعة وابتعن لكنّ، وفيما هن ذاهبات ليبتعن جاء العريس والمستعدات دخلن معه الى العرس وأُغلق الباب،
أخيراً جاءت بقية العذارى أيضاً قائلات يا سيد يا سيد افتح لنا،
فأجاب وقال الحق أقول لكنّ إني ما أعرفكن،
فاسهروا إذاً لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الانسان. (متّى 25: 1-13)
في هذا المثل يُشَبّه يسوع مملكته برجل قوي جداً له عشر نساء خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات، فدخل بالحكيمات في ليلة واحدة، فما هو رأي الكنائس في هذا المثل؟
من هذا يتبين لنا أن اقتباس نص العهد القديم لمنع الطلاق لم يكن موفقاً وينطبق عليه قانون لا تقبل خبراً كاذباً.
12 - مصدر قول يسوع أن اليهود يعبدون الرب بالباطل وأنهم تركوا وصية الرب وتمسكوا بتقاليد الناس
- يا مراؤون حسنا تنبأ عنكم إشعياء قائلاً،
يقترب إليّ هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه وأما قلبه فمُبتعد عني، وباطلا يعبدونني وهم يُعلمون تعاليم هي وصايا الناس. (متّى 15: 7-9)
- فأجاب وقال لهم حسناً تنبأ إشعياء عنكم أنتم المرائين كما هو مكتوب،
هذا الشعب يُكرمني بشفتيه وأما قلبه فمُبتعد عني بعيداً، وباطلاً يعبدونني،
وهم يُعلمون تعاليم هي وصايا الناس،
لأنكم تركتم وصية الإله وتتمسكون بتقليد الناس، غسل الأباريق والكؤوس وأُموراً كثيرة مثل هذه تفعلون. (مرقس 7: 6-8)
قبل أن استعرض النص كما جاء في سفر إشعياء لا بد من تسجيل بعض الملاحظات على النصين السابقين.
الملاحظة الأُولى وهي على الصيغة التي قيلت فيها النبوءة أو النص، فهي قيلت في باب استشهاد يسوع على اليهود في الحوار، وهذه الصيغة تكون مقبولة لو أن قائلها رجل مصلح أو نبي فمن حقه الاستشهاد بما تنبأ به أو قاله نبي سابق له، وأما ان يكون هذا القائل هو من قال النبوءة أو هو من أوحى بها كما تقول الاناجيل والكنائس المختلفة عن يسوع فهذا مشكل! لأنه يفترض بمن هذا صفته أن يكون قوله مباشرة لليهود مساوياً لقوله الذي أوحى به لإشعياء قبل مئات السنين، فالاستشهاد بما قاله إشعياء يدل على أنه ليس هو من أوحى به له!
الملاحظة الثانية وهي أن متّى ومرقس اتفقا على كتابة وباطلاً يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس، وأنا أتساءل أليس منع الختان هو تعليم من الناس ومخالفة لتعاليم الرب، خاصة وان يسوع خُتن وهو صغير كما تقول الاناجيل، وان من منع الختان هو بولس ومن جاء بعده؟!
فهل ينطبق على من مَنع الختان انه يُعلّم تعاليم ليست من الرب، وبالتالي فهو يعبد الرب باطلاً إتباعاً لوصية بولس ومخالفة لتعاليم الرب؟
الملاحظة الثالثة وهي أليس في توجه بولس ومن بعده الكنائس المختلفة لدعوة الأُمم الأُخرى من غير اليهود وترك دعوة اليهود هو مخالفة لقول يسوع الذي قال فيه أنه لم يُرسل إلا الى خراف بيت اسرائيل الضالة، وان دعوة الأُمم من غير اليهود إنما هو إتباع لتعاليم بولس ووصيته؟
- فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا،
فأجاب وقال لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. (متّى 15: 23-24)
- هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم وأوصاهم قائلاً،
إلى طريق أمم لا تمضوا إلى مدينة للسامريين لا تدخلوا،
بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. (متّى 10: 5-6)
وأن تمسك الكنائس المختلفة بهذه الوصية، أي دعوة غير اليهود، إنما هو من باب التمسك بتقليد بولس والناس، وكان الأفضل للكنائس أن تتوجه بدعوتها لليهود كما أمر يسوع بدلاً من أن تتوجه بدعوتها للأُمم الذين لم يُرسل يسوع إليهم؟!
الملاحظة الرابعة وهي هذه التعاليم والوصايا التي تزاولها الكنائس ولم يذكرها كتبة الاناجيل على لسان يسوع، من تبخير التماثيل والصور والصلبان والسجود لها وطلب المعونة منها، ألا تعتبر كل هذه الأمور من وصايا وتعاليم الناس، وبالتالي ألا ينطبق عليهم نبوءة إشعياء كما كتبها متّى ومرقس؟
الآن سأستعرض النص الذي استشهد به كل من متّى ومرقس لإثبات أن إشعياء تنبأ عن اليهود في زمن يسوع لنرى حقيقة ما يتحدث عنه، وهو كما يلي:
فقال السيد لأن هذا الشعب قد اقترب إليّ بفمه وأكرمني بشفتيه وأما قلبه فأبعده عني وصارت مخافتهم مني وصية الناس مُعلمة.
بمقارنة النصين اللذين كتبهما متّى ومرقس بهذه الفقرة نجد ان متّى ومرقس قد اقتبسا هذا النص من النسخة السبعينية، في حين أن نسخة الفاندايك تعتمد على النسخة العبرانية كما في النصوص التالية:
نص متّى من نسخة الملك جيمس:
15:7 [Ye] hypocrites, well did Esaias prophesy of you, saying,
15:8 This people draweth nigh unto me with their mouth, and honoureth me with [their] lips; but their heart is far from me.
15:9 But in vain they do worship me, teaching [for] doctrines the commandments of men.
نص مرقس من نسخة الملك جيمس:
7:6 He answered and said unto them, Well hath Esaias prophesied of you hypocrites, as it is written, This people honoureth me with [their] lips, but their heart is far from me.
7:7 Howbeit in vain do they worship me, teaching [for] doctrines the commandments of men.
7:8 For laying aside the commandment of God, ye hold the tradition of men, [as] the washing of pots and cups: and many other such like things ye do.
نص إشعياء من نسخة الملك جيمس:
29:13 Wherefore the Lord said, Forasmuch as this people draw near [me] with their mouth, and with their lips do honour me, but have removed their heart far from me, and their fear toward me is taught by the precept of men:
نص إشعياء من النسخة العبرانية:
29:13 And the Lord said: Forasmuch as this people draw near, and with their mouth and with their lips do honour Me, but have removed their heart far from Me, and their fear of Me is a commandment of men learned by rote;
نص إشعياء من النسخة السبعينية
29:13 And the Lord has said, This people draw nigh to me with their mouth, and they honour me with their lips, but their heart is far from me: but in vain do they worship me, teaching the commandments and doctrines of men.
وهذه الطريقة في الاقتباس مرة من العبرانية ومرة من السبعينية ومرة من العبرانية والسبعينية في نفس الوقت كما قرأنا سابقاً، ومرة لا من السبعينية ولا من العبرانية بل يكتبون نصاً وينسبونه للعهد القديم دون أن يكون مكتوباً فيه، كل هذه الأمور تدل على طريقة مُتّبعة عند كتبة الأناجيل لصياغة كتبهم بما يتوافق مع العهد القديم لإضفاء حالة من القداسة والمصداقية عليها.
وإذا كان اليهود يعبدون الرب بالباطل فهل عبادة ثلاث آلهة هي عبادة الرب بالحق؟!
- لذلك هاأنذا أعود أصنع بهذا الشعب عجباً وعجيباً فتبيد حكمة حُكمائه ويختفي فهم فهمائه،
ويل للذين يتعمّقون ليكتموا رأيهم عن الرب،
فتصير أعمالهم في الظلمة ويقولون من يُبصرنا ومن يعرفنا،
يا لتحريفكم،
هل يُحسب الجابل كالطين حتى يقول المصنوع عن صانعه لم يصنعني، أو تقول الجبلة عن جابلها لم يفهم. (إشعياء 29: 13-16)
يا لتحريفكم .. يا لتحريفكم .. يا لتحريفكم.. يا لتحريفكم
هل يحسب الجابل كالطين؟
هل يحسب الرب كآدم وقد خُلق بغير أب ولا أم؟
يا لتحريفكم!
هل يحسب الرب كيسوع وهو المولود من امرأة بغير رجل؟
يا لتحريفكم!
هل يحسب الرب كالتماثيل التي تصنعونها بأيديكم وتقولون أنها ليسوع أو لمريم وتبخرون لها؟
يا لتحريفكم!
هل يحسب الرب كالخبز والخمر الذي تقولون انه يتحول الى جسد ودم يسوع ثم تأكلونه؟!
يا لتحريفكم.
لذلك هكذا يقول لبيت يعقوب الربُّ الذي فدى إبراهيم، ليس الآن يخجل يعقوب وليس الآن يصفارّ وجهه،
بل عند رؤية أولاده عمل يديّ في وسطه يُقدسون اسمي ويُقدسون قدوس يعقوب ويرهبون إله إسرائيل،
ويعرف الضالو الأرواح فهماً ويتعلم المتمردون تعليماً. (إشعياء 29: 22-24)
متى سيعرف ضالو الأرواح فهماً ويتعلم المتمردون تعليماً؟ أرجو أن يكون قريباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق