الجمعة، 27 يوليو 2018

مصدر قول يسوع أن الرب أرسله ليُبشر المساكين ويشفي منكسري القلوب

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم الرابعالنصوص المنسوبة مباشرة للعهد القديم
في هذا القسم سنطلع على النصوص المنسوبة للعهد القديم مباشرة وقول كتبة الأناجيل أنها لم تتم وتكتمل وتحدث إلا في يسوع وزمنه وجيله، لنرى حقيقتها ومدى صدق ما قاله الكتبة عنها.
16 - مصدر قول يسوع أن الرب أرسله ليُبشر المساكين ويشفي منكسري القلوب
- وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ،
فدُفع إليه سفر إشعياء النبي،
ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه، روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأُنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأُرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة،
ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت شاخصة إليه،
فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم،
وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه ويقولون أليس هذا ابن يوسف،
فقال لهم على كل حال تقولون لي هذا المثل ايها الطبيب اشف نفسك كم سمعنا أنه جرى في كفر ناحوم، فافعل ذلك هنا أيضاً في وطنك،
وقال الحق أقول لكم إنه ليس نبي مقبولاً في وطنه. (لوقا 4: 16-24)
في هذا النص يكتب لوقا على لسان يسوع استشهاده مباشرة بنص في إشعياء، ويقول ان ما هو مكتوب قد تم في ذلك اليوم، ويشبه نفسه بالانبياء بقوله ليس نبي مقبولاً في وطنه، ويكتب لوقا ان الناس قالوا عنه أنه ابن يوسف! وهذه الأُمور تتناقض مع ما تصفه به قوانين إيمان الكنائس المختلفة، وما تقوله عنه الأناجيل، إذ أنه لو كان صحيحاً ما وصفته به قوانين إيمان الكنائس لما احتاج للاستشهاد بكلام من المفترض أنه هو من أوحى به لإشعياء قديماً، فكل كلام يقوله مباشرة يكون كالوحي الذي أوحاه الى إشعياء فلماذا يستشهد بكلام إشعياء؟! فهذه الطريقة لا نجدها في العهد القديم عندما كان يتكلم الرب مع الأنبياء، بل كان الرب يتكلم معهم مباشرة دون الحاجة للاستشهاد بكتب الأنبياء الآخرين، لأنه هو من أوحى به، كما أن تشبيه يسوع نفسه بالنبي ينقض كل قوانين إيمان الكنائس، لأن الفرق كبير جداً بين النبي والإله، بل لا يوجد أصلاً وجه للمقارنة بينهما! وأخيراً فإن قول الناس أنه ابن يوسف يدل على أن ولادته من غير رجل لم تكن مشهورة، وكان الأولى به، أو بمعنى أدق لوقا، أن يوضح لهم أنه ليس ابن يوسف بدلاً من قوله أنه ليس نبياً مقبولاً في وطنه، لأنه بهذا القول أخفى صفته التي تصفه بها قوانين إيمان الكنائس، هذا إذا كان قد سمع بتلك القوانين! ومع كل هذه الأمور فلا بد من الرجوع الى النص المستشهد به لنعرف إن كان ما كتبه لوقا على لسان يسوع صحيحاً أم لا، وهو كما يلي:
روح السيد الرب عليّ،
لأن الرب مسحني لأُبشر المساكين،
أرسلني لأعصب منكسري القلب،
لأُنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق،
لأُنادي بسنة مقبولة للرب.
هذه هي الفقرات التي ذكرها لوقا على لسان يسوع، وأول ما نلاحظه هو الفرق بين الكلمات المستخدمة هنا والكلمات المستخدمة في نص لوقا، وهذا الأمر مرجعه إلى أن لوقا اقتبس نصه من النسخة السبعينية وهذه النسخة تعتمد على النسخة العبرانية، وهذا الأمر يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه القصة غير صحيحة، لأنه من المستحيل أن يستخدم اليهود النسخة السبعينية في معابدهم لأنهم لا يعترفون بها ويعتبرونها محرفة!!!! ولكن الآن لنكمل قراءة النص لنرى إن كان يتحدث عن يسوع وزمانه أم لا.
- وبيوم انتقام لإلهنا لأُعزي كل النائحين،
لأجعل لنائحي صهيون لأُعطيهم جمالاً عوضاً عن الرماد ودهن فرح عوضاً عن النوح ورداء تسبيح عوضاً عن الروح اليائسة،
فيُدعون أشجار البرّ غرس الرب للتمجيد،
ويبنون الخرب القديمة ويُقيمون الموحشات الأول،
ويُجدّدون المدن الخربة موحشات دور فدور.
في هذه الفقرات يبدأ النص بالحديث عن بني اسرائيل وكيف ان الرب الإله سيعزي نائحي صهيون وانه سيُعوّضهم عن كل ما أصابهم في السبي، وأنهم سيبنون الخِرب ويُجدّدون المُدن التي هُدمت أثناء السبي، وهذه الأُمور لم تحدث في زمن يسوع لأن اليهود في ذلك الوقت كانوا تحت الاحتلال الروماني مما يدل على أن النص لا يتحدث عن يسوع ولا عن زمانه كما كتب لوقا على لسان يسوع.
- ويقف الأجانب ويرعون غنمكم،
ويكون بنو الغريب حرّاثيكم وكرّاميكم.
في هذه الفقرة نقرأ أن الأجانب في ذلك الزمان سيكونون رعاة وحرّاثين عند اليهود، وهذه الصفة لم تكن في زمن يسوع، لأن اليهود في ذلك الوقت كانوا خاضعين لحكم الرومان، وكانوا يدفعون لهم الجزية حتى يسوع نفسه كان يدفع الجزية، مما يدل على أن النص لا يتحدث عن يسوع ولا عن زمانه.
- وأما أنتم فتدعون كهنة الرب تسمّون خدّام إلهنا.
وهذه الفقرة تصف اليهود بأنهم سيكونون كهنة للرب في ذلك الزمان، وهذا ما رفضته الكنائس وكتبة العهد الجديد عندما قالوا أن عهد الكهانة نقض مع اليهود كما بينت ذلك سابقاً.
- تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتأمّرون،
عوضاً عن خزيكم ضعفان وعوضاً عن الخجل يبتهجون بنصيبهم،
لذلك يرثون في أرضهم ضعفين،
بهجة أبدية تكون لهم.
وهذه الفقرات تعود للحديث عن وعد الرب لليهود بأنهم سيأكلون ثروة الأمم وأنهم يتأمّرون ويسودون عليهم، وهو لم يكن حال اليهود في زمن يسوع كما هو معلوم.
- لأني أنا الرب مُحب العدل مُبغض المُختلس بالظلم،
وأجعل أُجرتهم أمينة وأقطع لهم عهداً أبدياً،
ويُعرف بين الأُمم نسلهم وذريتهم في وسط الشعوب،
كل الذين يرونهم يعرفونهم أنهم نسل باركه الرب.
وهذه الفقرات تتحدث عن عهد الرب لليهود بأنه عهد أبدي، وأنا اسأل أين هي وعود الكنائس لأتباعها، هل سيقولون إن هذا الوعد قد انتهى بمجيء يسوع، مع أن يسوع نفسه قال ان النص يتحدث عنه؟
وإذا كان هذا العهد مع اليهود قد انتهى، فهل نقول ان هذا النصّ قد زال، وهو ما رفضه يسوع بقوله ان زوال السماء والارض أيسر من زوال نقطة أو حرف من الناموس، وهنا لا نجد نقطة أو حرف قد زال، بل عشرات النقط والحروف، إذا هم قالوا أن هذا العهد قد انتهى!
وباقي النص يتحدث عن فرح ذلك الانسان بربه وابتهاجه بإلهه، وبربط أول هذا النص ووسطه وآخره نعلم انه لا يتحدث عن يسوع، ويظهر لنا منهج وطريقة كتبة الأناجيل في الاقتباس من العهد القديم للقول أن ما يكتبونه متوافق معه، بغض النظر عن تناقض ما يكتبونه مع الأناجيل ذاتها أو مع قوانين إيمان الكنائس، أو مع العهد القديم سواء فيما تتحدث عنه نصوصه أو باستخدام النسخة السبعينية التي لا يعترف بها اليهود حتى يومنا هذا! وهذا يثبت أن قانون لا تقبل خبراً كاذباً ينطبق على هذا القول.
- فرحاً أفرح بالرب،
تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص،
كساني رداء البرّ مثل عريس بعمامة ومثل عروس تتزين بحُليّها،
لأنه كما أن الأرض تخرج نباتها وكما أن الجنة تنبت مزروعاتها هكذا السيد الرب يُنبت برّاً وتسبيحاً أمام كل الأُمم. (إشعياء 61: 1-11)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق