الجمعة، 27 يوليو 2018

مصدر قصة بدء يسوع بالكرازة والتبشير في الجليل وتناقضاتها

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم الرابعالنصوص المنسوبة مباشرة للعهد القديم
في هذا القسم سنطلع على النصوص المنسوبة للعهد القديم مباشرة وقول كتبة الأناجيل أنها لم تتم وتكتمل وتحدث إلا في يسوع وزمنه وجيله، لنرى حقيقتها ومدى صدق ما قاله الكتبة عنها.
7 - مصدر قصة بدء كرازة يسوع في الجليل
- ولما سمع يسوع ان يوحنا أُسلم انصرف الى الجليل، وترك الناصرة وأتى فسكن في كفر ناحوم التي عند البحر في تخوم زبلون ونفتاليم،
لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل، أرض زبلون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم، الشعب الجالس في ظلمة أبصر نوراً عظيماً، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نوره،
من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لأنه اقتربت مملكة السماء،
وإذ كان يسوع ماشياً عند بحر الجليل أبصر أخوين سمعان الذي يُقال له بطرس وأندراوس أخاه يُلقيان شبكة في البحر فإنهما كانا صيادين،
فقال لهما هلمّ ورائي فأجعلكما صيادي الناس، فللوقت تركا الشباك وتبعاه،
ثمّ اجتاز من هناك فرأى أخوين آخرين يعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه في السفينة مع زبدي أبيهما يُصلحان شباكهما فدعاهما، فللوقت تركا السفينة وأباهما وتبعاه. (متّى 4: 12-22)
لنقرأ النص أولاً من بعض النسخ ثمّ نكمل الحديث عنه:
نص متّى من نسخة الملك جيمس:
4: 15 The land of Zabulon, and the land of Nephthalim, [by] the way of the sea, beyond Jordan, Galilee of the Gentiles;
4: 16 The people which sat in darkness saw great light; and to them which sat in the region and shadow of death light is sprung up.
نص إشعياء من نسخة الملك جيمس:
9: 1 Nevertheless the dimness [shall] not [be] such as [was] in her vexation, when at the first he lightly afflicted the land of Zebulun and the land of Naphtali, and afterward did more grievously afflict [her by] the way of the sea, beyond Jordan, in Galilee of the nations.
9: 2 The people that walked in darkness have seen a great light: they that dwell in the land of the shadow of death, upon them hath the light shined.
9: 3 Thou hast multiplied the nation, [and] not increased the joy: they joy before thee according to the joy in harvest, [and] as [men] rejoice when they divide the spoil.
نص إشعياء من النسخة السبعينية:
9: 1 Drink this first. Act quickly, O land of Zabulon, land of Nephthalim, and the rest inhabiting the sea-coast, and the land beyond Jordan, Galilee of the Gentiles.
9: 2 O people walking in darkness, behold a great light: ye that dwell in the region and shadow of death, a light shall shine upon you.
9: 3 The multitude of the people which thou hast brought down in thy joy, they shall even rejoice before thee as they that rejoice in harvest, and as they that divide the spoil.
نص إشعياء من النسخة العبرانية:
8: 23 For is there no gloom to her that was stedfast? Now the former hath lightly afflicted the land of Zebulun and the land of Naphtali, but the latter hath dealt a more grievous blow by the way of the sea, beyond the Jordan, in the district of the nations.
9: 1 The people that walked in darkness have seen a great light; they that dwelt in the land of the shadow of death, upon them hath the light shined.
9: 2 Thou hast multiplied the nation, Thou hast increased their joy; they joy before Thee according to the joy in harvest, as men rejoice when they divide the spoil.
كما نقرأ فإنه يوجد اختلاف بين ما كتبه متّى والنسخة السبعينية والنسخة العبرانية وهنا لن أتحدث عن سبب الاختلاف، ولكن سأتحدث عن حقيقة القصة التي استشهد متّى فيها بنص إشعياء، فهو يكتب عن الزمن الذي بدأ فيه يسوع بالكرازة وعن المكان الذي بدأ منه وأوائل التلاميذ، فيقول ان يسوع لما سمع ان يوحنا المعمدان أُسلم للسجن انصرف الى الجليل وترك الناصرة وسكن في كفر ناحوم وبدأ من ذلك الزمان بالكرازة، أي ان يسوع بدأ يكرز بمملكة السماء بعد ان سُجن يوحنا، وهذا كله حدث لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي، ثم ذكر ما قيل في إشعياء، ثمّ بدأ يتحدث عن دعوة يسوع لبطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا، وقبل مقارنته بما قيل في إشعياء وما إذا كان ينطبق على يسوع وعلى أرض الجليل أود التوقف أمام بعض المعلومات الواردة في النص ومقارنتها بما ذكرته الأناجيل الأُخرى.
متّى يقول ان يسوع بدأ يكرز بعد أن دخل يوحنا المعمدان السجن، وبعد انتقاله الى كفر ناحوم، وانه كان يمشي على شاطئ بحيرة طبرية وهناك دعا أولا بطرس وأخاه اندراوس وهما في سفينتهما ومن ثم دعا يعقوب وأخاه يوحنا، وهذا يتناقض مع ما كتبه يوحنا في إنجيله عن الزمان والمكان الذي بدأ فيه يسوع بالكرازة وعن أوائل التلاميذ، كما في النص التالي:
- وفي الغد أيضاً كان يوحنا واقفاً هو واثنان من تلاميذه،
فنظر إلى يسوع ماشياً فقال هو ذا حَمَل الإله،
فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع، فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لهما ماذا تطلبان، فقالا ربي الذي تفسيره يا معلم أين تمكث، فقال لهما تعاليا وانظرا فأتيا ونظرا أين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم، وكان نحو الساعة العاشرة،
كان أندراوس أخو سمعان بطرس واحداً من الاثنين اللذين سمعا يوحنا وتبعاه،
هذا وجد أولاً أخاه سمعان فقال له قد وجدنا مَسِيّا الذي تفسيره المسيح،
فجاء به إلى يسوع، فنظر إليه يسوع وقال أنت سمعان بن يونا،
أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس. (يوحنا 1: 35-42)
في هذا النص يقول يوحنا ان يسوع بدأ يكرز في عبر نهر الأردن ويوحنا المعمدان ما زال طليقاً خارج السجن! كما أن أول من تبع يسوع كان أندراوس والتلميذ الذي لم يذكر اسمه ومن بعدهما بطرس وهذا يتناقض مع ما كتبه متّى!
فهل كانت قصة بداية كرازة يسوع وأوائل التلاميذ في انجيل متّى خطأ وكتبت فقط لتتوافق مع نص إشعياء، وأن ما كتبه يوحنا هو الصحيح، وخاصة أن يوحنا مذكور في قصة متّى، أم أنها هي القصة الحقيقية وأن ما كتبه يوحنا في إنجيله هو الخطأ، وأنه كتب قصته بناء على معلومات غير صحيحة، وهو لم يكن يعلم أن يسوع كان يجب أن يبدأ كرازته من الجليل لكي يتم ما قيل بإشعياء! ولم يكن يعلم أيضاً أن يسوع دعاه ويعقوب وهما في سفينتهما! فهذا التناقض بين القصتين كيف يمكن تبريره لو كانت القصتان كتبتا بناء على مصدر واحد للمعلومات، أو حتى من خلال سماع قصة بدء كرازة يسوع ممن كان موجوداً أثناء بدء كرازة يسوع، فضلاً عن ان تكونا قد كتبتا عن طريق الوحي أو بسوق من الروح المقدس؟!
نأتي الآن لدراسة النص المذكور في إشعياء لنرى إن كان ينطبق على الجليل في زمان يسوع وأنه لم يتم إلا في ذلك الزمان، أم ان متّى كتب قصته بناء على النص لكي يقول ان ما هو مكتوب من قصص ونصوص في العهد القديم إنما يقصد بها يسوع، مع علمه بتناقض ذلك مع باقي الاناجيل سواء إنجيل يوحنا الذي قرأنا قصته أو مع قصة لوقا التي تتناقض بشكل واضح مع الاثنين في الزمان والمكان الذي بدأ يسوع يكرز فيه، والنص مذكور في سِفر إشعياء في الإصحاح التاسع وهو كما يلي:
ولكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق،
كما أهان الزمان الأول أرض زبلون وأرض نفتاليم يُكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم.
هذه الفقرات تتحدث عن أرض زبلون وأرض نفتاليم، والمقصود بهما الأراضي التي كانت لسبطي زبلون ونفتالي، فهذا النص يتحدث عن هذه الأماكن وكيف أنه في الأزمنة القديمة تمت اهانتهما بالحروب والسبي كما في النص التالي:
- زبلون شعب أهان نفسه الى الموت مع نفتالي على روابي الحقل. (قضاة 5: 18)
ويذكر النص انه في المستقبل سيتم إكرام طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم، وهذا الإكرام عبر عنه النص بالفقرة التالية:
- الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً،
الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور.
وهنا يُخبر النص أن إكرام تلك المناطق سيكون بإرسال نور عظيم يُبصره سكان تلك المناطق وحتى الجالسون في أرض ظلال الموت يُشرق عليهم ذلك النور، وتعبيراً عن الفرح بهذا النور يقول النص:
- أكثَرْتَ الأُمة عظّمتَ لها الفرح،
يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد،
كالذين يبتهجون عندما يقتسمون غنيمة.
من هذه الفقرات يبدأ الحديث عن الرابط بين ما قاله متّى في انجيله من ان هذا النص يتكلم عن يسوع والفترة التي كان يعيش فيها على الارض، فكما نقرأ فإن ذلك النور الذي أبصره الشعب في أرض جليل الأمم وطريق البحر عبر الأردن استقبله الناس بفرح عظيم، وأنهم كانوا فرحين به كالفرح في الحصاد أو كالذين يفرحون وقت تقسيم الغنائم.
وهذه الحالة ليست هي حالة الناس زمن يسوع سواء في جليل الأمم أو في أُورشليم أو في عبر الأردن أو في أي مكان ذهب إليه يسوع، والدليل على ذلك أن إخوة يسوع وأقاربه لم يكونوا مؤمنين به، حتى أنه قال ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه.
- لأن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به. (يوحنا 7: 5)
- فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته، ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم. (مرقس 6: 4-5)
وكذلك الحال في نهاية أمره فمن تبعه منهم لم يتجاوز العشرات، وجميعهم أنكروه وشكوا فيه عند إلقاء القبض عليه، فأين نجد تعظيم الفرح للأمة وابتهاجهم بيسوع كالذين يقتسمون الغنائم؟!
لا بل ان اليهود في ذلك الوقت لم يشف غيظ صدورهم منه إلا بعد أن صلبوه على الخشبة كما تقول الاناجيل، وأظن أن هذا الموقف يعبر عن منتهى الكره وليس الفرح، وهو ما يؤكد ان النص لا يتحدث عن أرض الجليل زمن يسوع.
- لأن نير ثقله وعصا كتفه وقضيب مسخّره كسّرتهن كما في يوم مديان.
في هذه الفقرة حديث عن تكسير القيود التي كانت على شعب تلك المنطقة كما حدث في يوم مديان، وهذا الوصف لا ينطبق على اليهود في زمن يسوع، ولا على يسوع نفسه، فاليهود كانوا خاضعين لحكم الرومان وكانوا يجبرونهم على دفع الجزية، حتى ان يسوع نفسه كان يدفع الجزية، فأي نير كان في أيدي اليهود أو أي عصا كانت تقصم كاهلهم وهم مسخرون لخدمة الرومان وأي قوانين كانت تقيدهم من قبل الرومان قام يسوع بتكسيرها، وهذا يدل على أن النص لا يتحدث عن يسوع ولا عن زمانه.
- لأن كل سلاح المتسلح في الوغى وكل رداء مُدَحرَج في الدماء يكون للحريق مأكلاً للنار.
وهذه الفقرة أوضح من سابقتها في إثبات ان النص كله لا يتحدث عن يسوع ولا عن الزمن الذي كان يعيش فيه، لأن يسوع في حياته كلها لم يقم بحرق قشة للرومان فضلاً عن أسلحتهم أو ملابسهم! لا بل انه كان طوال حياته خاضعاً لهم ودافعاً للجزية كأي واحد من بني إسرائل، حتى أنه هرب من اليهود عندما علم أنهم مزمعون ان يخطفوه ويجعلوه ملكاً عليهم خوفاً من الرومان، فلو كان هو المقصود في هذا النص لكتبت الاناجيل عن تكسيره لأسلحة روما وحرقه لملابس جنودها!
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
- لأنه يُولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيباً مُشيرا إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام.
هذه الفقرة يجب قراءتها من نسخ أُخرى لنعرف معناها الصحيح، وما إذا اتفقت نسخ العهد القديم على ما هو مكتوب هنا أم تمّ التلاعب في معناها وتحريفها.
نص إشعياء من نسخة الملك جيمس:
9: 6 For unto us a child is born, unto us a son is given: and the government shall be upon his shoulder: and his name shall be called Wonderful, Counsellor, The mighty God, The everlasting Father, The Prince of Peace.
نص إشعياء من النسخة السبعينية:
9: 6 For a child is born to us, and a son is given to us, whose government is upon his shoulder: and his name is called the Messenger of great counsel: for I will bring peace upon the princes, and health to him.
نص إشعياء من النسخة العبرانية:
9: 5 For a child is born unto us, a son is given unto us; and the government is upon his shoulder; and his name is called Pele-joez-el gibbor-Abi-ad-sar-shalom;
كما نلاحظ فإن الفقرة تم تغيير كلماتها بشكل كبير في نسخة الملك جيمس لتخدم معتقدات الكنائس القائمة على تعدد الآلهة، مع أن العهد القديم كله قائم على وحدانية الرب وعدم وجود آلهة حقيقية معه أو مساوية له، كما بينت ذلك في الفصل الأول من الكتاب، ولكن لنفرض أن النص الأصلي هو المكتوب في النسخة العربية او نسخة الملك جيمس فهل هذا يدل على ابن حقيقي للرب أو إله حقيقي مع الرب، وإذا كان المقصود بهما ابن حقيقي وإله حقيقي فهل المقصود بهما يسوع؟!
ان وجود مصطلحات ابن الإله، وإله مع الرب، إذا لم يتم التلاعب بها كما حدث في هذا النص، في العهد القديم لا يعني ابن حقيقي وإله حقيقي، لأن العهد القديم يستخدم هذه المصطلحات أحيانا لبعض الشخصيات ولا يقصد بها المعنى الحقيقي كما في النصوص التالية:
- فقال الرب لموسى انظر، أنا جعلتك إلهاً لفرعون،
وهارون أخوك يكون نبيك، أنت تتكلم بكل ما آمرك،
وهارون أخوك يكلم فرعون . (خروج 7: 1-2)
هذا النص يقول ان موسى إله لفرعون وأن هارون نبي له! وهو لا يعني أن موسى كان إلهاً حقيقياً بل هو من باب المجاز.
- فتكلمه وتضع الكلمات في فمه وأنا أكون مع فمك ومع فمه وأُعلمكما ماذا تصنعان، وهو يُكلم الشعب عنك، وهو يكون لك فماً وأنت تكون له إلهاً. (خروج 4: 15-16)
في هذا النص نقرأ أن موسى إله هارون أيضاً!!!!! وهذا لا يعني أن موسى إلهاً حقيقياً لأنه يوجد عشرات النصوص التي تقول ان موسى عبد الرب ومنها ما يلي:
- ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين،
فخاف الشعب الرب وآمنوا بالرب وبعبده موسى. (خروج 14: 31)
- وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي،
فماً الى فم وعياناً أتكلم معه لا بالألغاز،
وشبه الرب يعاين،
فلماذا لا تخشيان أن تتكلما على عبدي موسى. (عدد 12: 7-8)
- وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلاً. (يشوع 1: 1)
وكذلك الحال بالنسبة لمصطلح الابن فقد أُطلق على أفراد بعينهم كما أنه أُطلق على أسباط وشعوب كإطلاقه على سبط أفرايم وشعب اسرائيل، وهو بالتأكيد لا يعني الحقيقة، كما في النصوص التالية:
- فتقول لفرعون هكذا يقول الرب إسرائيل ابني البكر،
فقلت لك أطلق ابني ليعبدني،
فأبَيْتَ أن تطلقه، ها أنا أقتل ابنك البكر. (خروج 4: 22-23)
لأني صرت لإسرائيل أباً وأفرايم هو بكري. (إرميا 31: 9)
- قدّموا للرب يا أبناء الإله قدّموا للرب مجداً وعزاً،
قدّموا للرب مجد اسمه، اسجدوا للرب في زينة مقدسة. (مزمور 29: 1-2)
أبو اليتامى وقاضي الأرامل الإله في مسكن قُدسه. (مزمور 68: 5)
لأنه من في السماء يعادل الرب،
من يُشبه الرب بين أبناء الإله،
إله مهوب جداً في مؤامرة القديسين ومخوف عند جميع الذين حوله. (مزمور 89: 6-7)
أنتم أولاد للرب إلهكم لا تخمشوا أجسامكم ولا تجعلوا قرعة بين أعينكم لأجل ميّت. (تثنية 14: 1)
- فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته،
وقال أحجب وجهي عنهم وأنظر ماذا تكون آخرتهم،
إنهم جيل متقلب أولاد لا أمانة فيهم. (تثنية 32: 19-20)
- لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يُكال ولا يُعدّ، ويكون عِوضاً عن أن يُقال لهم لستم شعبي، يُقال لهم أبناء الاله الحي. (هوشع 1: 10)
كما أن مصطلح العبادة يستخدم في بعض الأحيان للدلالة على الخضوع ولا يقصد بها العبادة التي لا تجب إلا للخالق، كما في النص التالي:
ويسجد له كل الملوك، كل الأُمم تتعبد له. (مزمور 72: 11)
هذا المزمور لسليمان وفيه دعاء من سليمان للرب خالق السموات والأرض بأن يثبت ملكه وأن يحفظ مملكته، ومنها الفقرة التي يطلب فيها أن يسجد له كل الملوك وأن تتعبد له كل الأُمم، وهي لا تعني السجود أو العبادة التي لا تجوز إلا للرب الخالق، بل تعني الخضوع.
ولو كان نص إشعياء يتحدث عن ابن وإله حقيقي لكان بالتأكيد لا يقصد يسوع، لأن النص يذكر صفات ليست موجودة فيه، فالفقرات تقول ان ذلك الابن تكون له الرئاسة على كتفه، ويسوع لم يكن في يوم من الايام رئيساً على أحد، لا بل انه رفض ان يكون ملكاً عندما سعى بعض اليهود لتنصيبه ملكاً عليهم!
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
كما ان الفقرات تقول ان ذلك المولود تنمو رئاسته الى ما لا نهاية، ويسوع الذي لم يكن رئيساً في يوم من الايام كيف ستنمو رئاسته غير الموجودة! وما يؤكد ان هذا النص لا يتحدث عن يسوع ولا عن زمانه هو الفقرة التالية:
- لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داوُد وعلى مملكته ليُثبّتها ويعضدها بالحق والبرّ من الآن وإلى الأبد غيرة الرب تصنع هذا.
هذه الفقرة توضح معنى الرئاسة التي ستتحقق للولد الذي يولد والابن المُعطى، فهي ستكون على كرسي داوُد وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن والى الأبد، وهذه الفقرة لو لم يوجد غيرها لكانت كافية في إثبات أن النص الذي اقتبسه متّى ليس صحيحاً لان النص يقول ان ذلك الولد والابن سيجلس على كرسي داوُد من الآن والى الأبد، ويسوع لم يجلس على كرسي داوُد ولو لساعة واحدة، لا بل انه كان يدفع الجزية لقيصر ويأمر أتباعه بطاعة قيصر وإعطائه ما يطلب منهم.
- أرسل الرب قولاً في يعقوب فوقع في إسرائيل،
فيعرف الشعب كله أفرايم وسكان السامرة القائلون بكبرياء وبعظمة قلب قد هبط اللبن فنبني بحجارة منحوتة، قطع الجميز فنستخلفه بأرز،
فيرفع الرب أخصام رصين عليه ويهيج أعداءه الآراميين من قدّام والفلسطينيين من وراء فيأكلون إسرائيل بكل الفم،
مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد.
في هذه الفقرات يتحدث إشعياء عن اليهود سكان السامرة، وخاصة أفرايم وملكهم رصين وان الرب سيهيج عليهم أعدائهم الآراميين والفلسطينيين فيقضون عليهم، وعبّر عن ذلك بقوله فيأكلون إسرائيل، وهذه الأحداث لم تقع في زمن يسوع بل وقعت قبله بمئات السنين، وهي دليل على ان النص لا يقصد يسوع، وان متّى لم يكن مصيباً باستشهاده بالنص على الزمان والمكان الذي بدأ فيه يسوع بالكرازة، وكذلك باقي النص وهو ليس بحاجة الى أي شرح فهو يصرخ ويقول انه يتحدث عن زمن غير زمن يسوع!
- والشعب لم يرجع الى ضاربه ولم يطلب رب الجنود،
فيقطع الرب من اسرائيل الرأس والذنب والنخل والأسل في يوم واحد،
الشيخ والمعتبر هو الرأس والنبي الذي يُعلم بالكذب هو الذنب،
وصار مُرشدو هذا الشعب مُضلين ومرشدوه مُبتلعين،
لأجل ذلك لا يفرح السيد بفتيانه ولا يرحم يتاماه وأرامله لأن كل واحد منهم منافق وفاعل شر وكل فم متكلم بالحماقة،
مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد. (إشعياء 9: 1-17)
من هذه القراءة لنص إشعياء والتناقض بين الاناجيل في مكان وزمان بدء يسوع بالكرازة أستطيع القول ان هذه القصة ينطبق عليها قانون لا تقبل خبراً كاذباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق