السبت، 28 يوليو 2018

أُصول التوراة: الأصل الأول: وحدانية الرب خالق السموات والأرض

الفصل الأولالأُصول والأُسس التي قام عليها العهد القديم وعلاقة كتبة الأناجيل بها

إن اعتماد كتبة الأناجيل والكنائس المختلفة على العهد القديم، واعتبار أنها امتداد له سواء بالاستشهاد بنصوصه أو بتاريخه، يستوجب علينا وقفة للمقارنة بين الاصول والأُسس التي قام عليها العهد القديم والأصول والأُسس التي قامت عليها الأناجيل لنرى صحة هذا الاعتماد وهذا الامتداد، لندرك حقيقة المصادر الذي اعتمد عليها كتبة الأناجيل، كما يستوجب علينا إظهار حقيقة العلاقة بين العهد القديم وكتبة الأناجيل وموقفهم من شرائعه وأحكامه بشكل عام.
لهذا سأقوم في الصفحات التالية باستعراض أهم الاصول والأسس التي قام عليها العهد القديم ومقارنتها بالأصول والأسس التي قامت عليها الأناجيل وتدعو لها، لنرى إن كانت تتوافق فيما بينها أم تختلف، لنفصل القول إن كانت مصادرهما واحدة أم مختلفة، وبالتالي علينا البحث عن المصدر الذي اعتمد عليه كتبة الأناجيل عند كتابتهم لها، وأبدأ بالأصل والأساس الأول والأهم وهو وحدانية الرب خالق السموات والأرض وعبادته وحده.
الأصل أو الأساس الأول وحدانية الرب خالق السموات والأرض
إن العهد القديم كله قائم على أصل أو أساس عظيم واحد وهو وحدانية الرب خالق السموات والأرض وعبادته وحده، وفي اللغة العبرية توجد عدة أسماء تطلق على الرب مثل إيل ويهوه وأدوناي وألوهيم وغيرها، وكلها يُقصد بها الخالق الإله الحق الواحد الذي ليس مثله شيء وليس معه إله أو دونه إله، وأنه عظيم وقادر على كل شيء، وأنه لا يسكن على الأرض مع الإنسان وأنه لا يقدر عليه إنسان وأنه لا يكذب فيما يقول ولا يندم على ما يَعِدُ به، وأن كل ما يشاءه يكون كما يريد، ومن ثم أمر البشرية عن طريق الرُسل والأنبياء بعبادته وحده وأن تخضع لأوامره ووصاياه، والنصوص التالية تبين هذه الصفات، وهي قليلة بالنسبة للنصوص المذكورة في العهد القديم.
أنت هو الرب وحدك، أنت صنعت السموات وسماء السموات وكل جندها والأرض وكل ما عليها والبحار وكل ما فيها وأنت تحييها كلها،
وجند السماء لك يسجد. (نحميا 9: 6)
في هذا النص نقرأ ان الرب هو وحده الاله الحق وأنه خالق السموات والأرض وما فيها وأنه وحده الذي يُحيي المخلوقات كلها، وأن كل ما في السموات يسجد له وحده.
لأنه من هو إله غير الرب ومن هو صخرة سوى إلهنا. (مزمور 18: 31)
هذا النص يبين حقيقة الإلوهية وأنه لا يتصف بها أحد إلا الرب وحده.
مبارك الرب الإله، إله إسرائيل الصانع العجائب وحده، ومبارك اسم مجده إلى الدهر ولتمتلئ الأرض كلها من مجده. (مزمور 72: 18-19)
في هذا النص نقرأ أن الرب وحده الذي يصنع المعجزات والعجائب، ولهذا فهو يستحق وحده التعظيم والمباركة واسمه وحده يستحق التمجيد.
- ويعلموا أنك اسمك يهوه، وحدك العليّ على كل الأرض. (مزمور 83: 18)
هذا النص يقول ان الرب وحده العلي على كل الأرض، وأن اسمه في العهد القديم يهوه.
لا مثل لك بين الآلهة يا رب، ولا مثل أعمالك،
كل الأُمم الذين صنعتهم يأتون ويسجدون أمامك يا رب ويُمجّدون اسمك،
لأنك عظيم أنت وصانع عجائب،
أنت الإله وحدك. (مزمور 86: 8-10)
في هذا النص نقرأ أنه لا مثيل للرب بين الآلهة المزعومة، لأنه لا مثيل لأعماله ومعجزاته التي تدل على عظمته، وهذا يبين أنه هو الإله الذي يستحق العبادة وحده.
- انظروا الآن، أنا أنا هو وليس إله معي،
أنا أُميت وأُحيي وسحقتُ وإني أُشفي وليس من يدي مُخَلِصٌ،
إني أرفع الى السماء يدي وأقول حيّ أنا الى الأبد. (تثنية 32: 39-40)
في هذا النص يقول الرب أنه هو الإله الحق الواحد وليس معه آخر، وأنه هو يُميت ويُحيي ويسحق ويُشفي ولا مخلص من يده، وأنه حيّ الى الأبد، وهنا لو قارنا بين صفات الرب والصفات التي وضعها كتبة الأناجيل ليسوع وخاصة قولهم إن يسوع مات على الصليب فإننا سنجد الفرق شديد وكبير بين الرب ويسوع، كما أن الرب يقول انه ليس معه إله آخر، فهل جملة ليس معه إله تدل على أن معه إلهين آخرين؟!
- إنك قد أُريت لتعلم أن الرب هو الإله ليس آخر سواه،
من السماء أسمعك صوته ليُنذرك،
وعلى الأرض أراك ناره العظيمة،
وسمعت كلامه من وسط النار،
ولأجل أنه أحب آباءك واختار نسلهم من بعدهم أخرجك بحضرته بقوته العظيمة من مصر، لكي يطرد من أمامك شعوباً أكبر وأعظم منك ويأتي بك ويُعطيك أرضهم نصيباً كما في هذا اليوم،
فاعلم اليوم وردد في قلبك ان الرب هو الإله في السماء من فوق، وعلى الأرض من أسفل،
ليس سواه. (تثنية 4: 35-39)
هذا النص يقول ان الرب هو الإله في السماء وعلى الأرض ولا إله سواه، وهنا يتكرر ذات القول السابق أنه لا إله سوى الرب خالق السموات والأرض، ومع هذا يقول كتبة الأناجيل والكنائس أن الآلهة ثلاثة! والمهم في هذا النص هو قوله ان الرب هو الإله في السماء وعلى الأرض، وبمقارنة هذا بما قاله يسوع أثناء محاكمته من أن مملكته ليست من هذا العالم نعلم الفرق بين الرب ويسوع، كما في النص التالي:
- ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له أنت ملك اليهود،
أجابه يسوع أمِنْ ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني،
أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي،
أُمّتك ورؤساء الكهنة أسلموك إليّ، ماذا فعلت،
أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم،
لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدّامي يُجاهدون لكي لا أُسلم الى اليهود،
ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. (يوحنا 18: 33-36)
فالذي يقول ان مملكته ليست من هذا العالم هل يدل على أنه يحمل صفات إلهية كما هي صفة الرب الذي هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل؟!
- وقال أيها الرب إله إسرائيل لا إله مثلك في السماء والأرض،
حافظ العهد والرحمة لعبيدك السائرين أمامك بكل قلوبهم. (الأيام الثاني 6: 14)
هذا النص يقول إن الرب الإله لا إله مثله في السماء والأرض، وهذا النص يتناقض مع قول يسوع الذي يُشبّه أباه بنفسه كما في النصين التاليين:
- قال له فيلبس يا سيد أرنا الأب وكفانا،
قال له يسوع أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس،
الذي رآني فقد رأى الأب فكيف تقول أنت أرنا الأب. (يوحنا 14: 8-9)
والذي يراني يرى الذي أرسلني. (يوحنا 12: 45)
ففي هذين النصين يقول يسوع ان من رآه فقد رأى أباه، مما يعني أن أب يسوع يشبه يسوع ويسوع نفسه يشبه باقي الناس، أي ان يسوع وأباه هما مثل البشر، وهذا يدل على أنه لا علاقة لهما بالرب الخالق لأنهما مثل كل الناس، والرب الخالق ليس له مثيل في السماء والأرض.
- ثم كتب الملك داريوس الى كل الشعوب والأُمم والألسنة الساكنين في الأرض كلها ليكثر سلامكم،
من قِبَلي صدر أمر بأنه في كل سلطان مملكتي يرتعدون ويخافون قدّام إله دانيال،
لأنه هو الإله الحي القيوم الى الأبد، ومملكته لن تزول، وسلطانه الى المنتهى. (دانيال 6: 26)
هذا النص يقول إن الرب هو الإله الحي القيوم الى الأبد وأن مملكته لن تزول وسلطانه عظيم الى المنتهى، وهذه الصفات نعلم أنها لم تكن في لحظة من اللحظات من صفات يسوع، فكما قرأنا قوله سابقاً أن مملكته ليست من هذا العالم، نجد أنه كذلك يرفض أن يكون ملكاً عندما حاول اليهود أن يجعلوه ملكاً عليهم كما في النص التالي:
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا به ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
فالذي يرفض أن يصبح ملكاً هل يشك أحد في أنه ليس له مملكة وأنها لن تزول الى الأبد، والذي رفض أن يكون ملكاً في المرة الأولى من يضمن أنه سيُقيم مملكته لو عاد مرة ثانية! وهو الذي قال إن مجيئه الثاني سيكون قبل موت جميع تلاميذه، ونحن نعلم أن التلاميذ كلهم ماتوا قبل تسعة عشر قرناً ولم يأت كما وعد، كما في النصوص التالي:
- الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في مملكته. (متّى 16: 28)
- وقال لهم الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الإله قد أتت بقوة. (مرقس 9: 1). هذا العدد مكتوب آخر الاصحاح الثامن وقبل كلمة الاصحاح التاسع
- حقاً أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الإله. (لوقا 9: 27)
فالذي يقول انه سيأتي بمملكته قبل موت جميع التلاميذ ولم يأت، هل يمكن القول أن له مملكة لن تزول، وهي لم تظهر بعد ألفي سنة، فهل زوال مملكته كل هذه المدة، مع أنه لم تكن له مملكة أصلاً، يدل على أن له مملكة لا تزول الى الأبد، كما هو حال مملكة الرب الخالق التي تدل كل ذرة في هذا الكون على عِظم مملكته وسلطانه؟
- ودعا آسا الربّ إلهه وقال أيها الربّ ليس فرقاً عندك أن تساعد الكثيرين ومن ليس لهم قوة فساعدنا أيها الربّ إلهنا لأننا عليك اتكلنا وباسمك قدُمْنا على هذا الجيش،
أيها الرب أنت إلهنا لا يقو عليك إنسان. (الأيام الثاني 14: 11)
هذا النص يقول ان الرب لا يقدر عليه إنسان، وأما يسوع فقد قدر عليه شرذمة من الناس، قاموا بجلده وضربه والاستهزاء به والبصق عليه ومن ثم علقوه على الصليب، وهذا بحسب ما هو مكتوب في الأناجيل، فالفرق واضح بين صفات الرب وصفات يسوع ولا يحتاج الى تعليق كثير!
إنه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل. (مزمور 121: 4)
هذا النص يقول ان الرب لا ينعس ولا ينام، والأناجيل كتبت أن يسوع كان ينعس وينام، حتى أنه نام على وسادة في سفينة، وهذا يدل على أنه لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض إلا كعلاقة باقي البشر من صلاة وعبودية وخضوع لمشيئته.
وكان هو في المؤخر على وسادة نائماً فأيقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك أننا نهلك. (مرقس 3: 38)
اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد،
فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك. (تثنية 6: 4-5)
الرب الإله هو رب واحد وهنا أسأل هل كلمة واحد تعني ثلاثة؟
وأيضاً نصيح إسرائيل (أي الرب) لا يكذب ولا يندم لأنه ليس إنساناً ليندم. (صموئيل الاول 15: 29)
في هذا النص نقرأ ان الرب ليس إنساناً، فماذا يقول يسوع عن نفسه في الأناجيل؟
- ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني،
وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الإله. (يوحنا 8: 40)
يسوع يقول عن نفسه أنه إنسان والرب في العهد القديم يقول عن ذاته أنه ليس إنساناً، فكيف قال كتبة الأناجيل والكنائس ان يسوع الإنسان يحمل صفات إلهية تجعل منه إلهاً يُعبد من دون الرب، لو كانت مصادرهم هي من مصادر العهد القديم؟!
لأنه هل يسكن الإله حقاً مع الإنسان على الأرض،
هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك،
فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت،
فالتفت الى صلاة عبدك والى تضرعه أيها الرب إلهي،
واسمع الصراخ والصلاة التي يُصليها عبدك أمامك. (الأيام الثاني 6: 18-19)
في هذا النص نقرأ أن الرب لا تسعه السموات ولا سماء السموات فكيف يسكن على الأرض مع الإنسان، والأناجيل والكنائس تقول ان يسوع كان انساناً، وأنه كان يسكن على الأرض، لا بل وسكن في بطن امرأة تسعة شهور، وانه كان ينام على وسادة في سفينة فهل هذه الصفات تدل على أنه يحمل صفات إلهية؟!
- ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الإله هذا لم يعمله ابراهيم. (يوحنا 8: 40)
- فحدث نوْء ريح عظيم فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ،
وكان هو في المؤخر، على وسادة نائماً فأيقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك أننا نهلك. (مرقس 4: 37-38)
- فكلمكم الرب من وسط النار وأنتم سامعون صوت كلام،
ولكن لم تروا صورة بل صوتاً. (تثنية 4: 12)
- فاحتفظوا جداً لأنفسكم ، فإنكم لم تروا صورة ما يوم كلمكم الرب في حوريب من وسط النار،
لئلا تفسدوا وتعملوا لأنفسكم تمثالاً منحوتاً صورة مثالٍ ما، شبه ذكر أو أُنثى،
شبه بهيمة ما مما على الأرض،
شبه طير ما ذي جناح مما يطير في السماء،
شبه دبيب ما على الأرض،
شبه سمك ما مما في الماء من تحت الأرض. (تثنية 4: 15-18)
في هذه الفقرات تأكيد على أن أحداً لم ير الرب لا في سيناء ولا في غيرها من الأماكن، وهناك نصوص تصرح أن من يرى الرب فانه يموت، لأنه لا يستطيع احتمال مجد وعظمة الرب، كما في النص التالي:
فقال أرني مجدك، فقال أُجيز كل جودتي قدّامك وأُنادي باسم الربّ قدّامك وأتراءف على من أتراءف وأرحم من أرحم،
وقال لا تقدر أن ترى وجهي،
لأن الإنسان لا يراني ويعيش. (خروج 33: 18-20)
في حين أن الأناجيل والكنائس تقول ان أب يسوع يشبه يسوع وبالتالي فهما مثل باقي البشر من حيث الهيئة والصورة! ولم تكتف بهذا حتى قالت ان الناس قاموا بلطم يسوع وجلده والاستهزاء به ومن ثم قتله وهو معلق على الصليب، فهل يوجد تشابه بين الرب الخالق الذي لم يره أحد ولا يستطيع أن يراه أحد ويبقى حياً ويسوع وأبيه اللذين يشبهان كل الناس ويستطيع أي واحد من الناس رؤيتهما، وان يفعلوا بالابن ما تقوله عنه الأناجيل!
ثم بعد ذلك يبدأ النص بتهديد الناس من عمل التماثيل بأي صورة كانت، وهو ما لم تلتزم الكنائس به وخاصة الكنيسة الكاثوليكية التي لم تكتف بصنع التماثيل من مختلف الأنواع، بل وتقوم بمسح هذه التماثيل بزيت الميرون وتقول ان هذه المسحة مع بعض الصلوات تجعل الروح المقدس يحلّ في تلك التماثيل!
فبمن تشبهون الإله وأي شبه تعادلون به،
الصنم يسبكه الصانع والصائغ يُغشيه بذهب ويصوغ سلاسل فضة
الفقير عن التقدمة ينتخب خشباً لا يُسوّس، يطلب له صانعا ماهرا لينصب صنما لا يتزعزع،
ألا تعلمون،
ألا تسمعون،
ألم تخبروا من البداءة ألم تفهموا من أساسات الأرض. (إشعياء 40: 18-21)
فبمن تشبهونني فأُساويه يقول القدوس،
ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه،
من الذي يُخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء،
لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يُفقد أحد،
لماذا تقول يا يعقوب وتتكلم يا إسرائيل قد اختفت طريقي عن الرب وفات حقيّ إلهي،
أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر الرب خالق كل أطراف الأرض لا يَكلّ ولا يَعيا،
ليس عن فهمه فحص،
يُعطي المعيي قدرة ولعديم القوة شدّة. (إشعياء 40: 25-29)
فبمن يُشبه كتبة الأناجيل والكنائس الرب وأي شيء به يعادلون؟
هل الرب يُشبه يسوع الإنسان الذي كان يأكل ويشرب ويجوع ويعطش وينعس وينام ويُضرب ويُجلد ويُصلب ويُبصق عليه؟!
ألم يسمع ويعلم كتبة الأناجيل والكنائس أن الرب ليس إنساناً وأن من خلق السموات والأرض لا يتعب ولا يكل، في حين أن يسوع يتعب من المشي بضعة كيلو مترات؟!
- وكانت هناك بئر يعقوب،
فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر. (يوحنا 4: 6)
فبمن يشبه كتبة الأناجيل والكنائس الرب وبمن يعادلونه يقول الرب القدوس، هل الرب يُشبه يسوع الذي لم يستطع أن يحمي نفسه من العذاب؟!
هل صفات يسوع تشبه صفات الرب خالق السموات والأرض ليُساويه؟!
إن الرب يقول في العهد القديم عن ذاته أنه لا مثيل له كما في النص التالي:
- هكذا يقول الربّ مَلِكُ إسرائيل وفاديه ربُّ الجنود أنا الأول والآخر ولا إله غيري،
ومن مثلي يُنادي فليُخبر به،
ويعرضهُ لي منذ وضَعتُ الشعب، القديم والمستقبلات وما سيأتي ليُخبروهم بها،
لا ترتعبوا ولا ترتاعوا أما أعلمتك منذ القديم وأخبرتك،
فأنتم شهودي، هل يوجد إلهٌ غيري،
ولا صخرة لا أعلم بها،
الذين يُصوّرُون صنماً كله باطل،
ومُشتهياتهم لا تنفع، وشهودهم هيَ لا تبصر ولا تعرف حتّى تخزى،
من صوّر إلهاً وسبك صنماً لغير نفعٍ،
ها كل أصحابه يخزون،
والصناع هم من الناس يجتمعون كلّهم يقفون يرتعبون ويخزَوْنَ معاً،
طَبعَ الحديد قدّوماً وعمِل في الفحم، وبالمطارق يصوِّره فيصنعه بذراع قوّته،
يجوع أيضاً فليس له قوة،
لم يشرب ماء وقد تعب،
نجّر خشباً، مدّ الخيط،
بالمخرز يُعلِّمَه، يصنعه بالأزاميل، وبالدّوّارة يَرسِِمه،
فيصنعه كشبه رجل،
كجمال إنسان ليسكن في البيت،
قطع لنفسه أرزاً وأخذ سندياناً وبلّوطاً واختار لنفسه من شجر الوعر،
غرس صنوبراً والمطر يُنمّيه ، فيصير للناس للإيقاد ويأخذ منه ويتدفأ،
يُشعل أيضاً ويخبز خبزاً ثم يصنع إلهاً فيسجد،
قد صنعه صنماً وخرّ له،
نصفه أحرقه بالنار، على نصفه يأكل لحماً، يشوي مشويّاً ويشبع،
يتدفأ أيضاً ويقول بخٍ قد تدفأت رأيت ناراً،
وبقيّته قد صنعها إلهاً صنماً لنفسه،
يخرّ له ويسجد ويُصلي إليه ويقول نجّني لأنك أنت إلهي،
لا يعرفون ولا يفهمون لأنه قد طمست عيونهم عن الإبصار وقلوبهم عن التعقل،
ولا يردد في قلبه وليس له معرفة ولا فهم حتى يقول نصفه قد أحرقتُ بالنار وخبزت أيضاً على جمره خبزاً شويت لحماً وأكلت،
أفأصنع بَقيّته رِجساً،
ولساق شجرةٍ أخِرُّ، يرعى رماداً،
قلبٌ مخدوع قد أضله فلا يُنجّي نفسه، ولا يقول أليس كذبٌ في يميني،
اذكر هذا يا يعقوب، يا إسرائيل فانك أنت عبدي قد جبلتك،
عبدٌ لي أنت،
يا إسرائيل لا تُنسى مني، قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك،
ارجع إليّ لأني فديتك،
ترنّمي أيتها السموات لأن الربّ قد فعل،
اهتفي يا أسافل الأرض أشيدي أيتها الجبال ترنماً الوعر وكل شجرة فيه لأن الرب قد فدى يعقوب، وفي إسرائيل تمجّد،
هكذا يقول الربّ فاديك وجابلك من البطن،
أنا الربّ صانع كل شيء،
ناشر السموات وحدي، باسط الأرض،
من معي،
مُبطل آيات المُخادعين ومُحمّق العرّافين مُرجّعٌ الحكماء الى الوراء ومجهّل معرفتهم،
مقيم كلمة عبده،
ومتمم رأي رسله،
القائل عن أُورشليم ستعمر ولمدن يهوذا ستبنين وخِرَبها أُقيم،
القائل للجة انشفي وأنهارك أُجفف،
القائل عن كورش راعيّ فكل مسرّتي يُتمّم ويقول عن أُورشليم ستُبنى وللهيكل ستُؤسّس. (إشعياء 44: 6-28)
إن هذا النص بحاجة الى قراءة وتأمل في معانيه أكثر من تفسيره ليدرك أتباع الكنائس الطيبين الفرق بين الرب خالق السموات والأرض وما يقوله كتبة الأناجيل والكنائس عن يسوع، وكذلك ليُدركوا الى أين هم ذاهبون بأنفسهم نتيجة لعبادتهم غير الرب خالق السموات والأرض الواحد الذي لا يساويه شيء ولا يعادله أحد ولا يشبهه أي مخلوق من المخلوقات، إنه الأول والآخر ولا إله غيره، الذي صنع كل شيء ونشر السموات وبسط الأرض وحده، ولم يكن معه أحد، وهنا أسأل الكنائس هل معنى لا إله غيره تعني أن معه آلهة أُخرى؟ وهل كلمة وحدي تعني ثلاثة؟ وهل جملة لا إله غيري تعني وجود ثلاث آلهة؟
فهذه الفقرات تؤكد على أن الرب خالق السموات والأرض هو الإله الحق وحده في هذا الكون، ولا شريك له أو معه، والنصوص التي تتحدث عن هذا الموضوع كثيرة جداً ومنها النصوص التالية:
أنا الرب وليس آخر،
لا إله سواي،
نطّقتك وأنت لم تعرفني،
لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها أن ليس غيري،
أنا الرب وليس آخر،
مُصوّر النور وخالق الظُلمة،
صانع السلام،
وخالق الشّر،
أنا الرب صانع كل هذه. (إشعياء 45: 5-7)
هكذا يقول الرب قدّوس إسرائيل وجابله اسألوني عن الآتيات،
من جهة بنيّ ومن جهة عمل يدي أوصُوني،
أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها،
يداي أنا نشرتا السموات وكل جندها أنا امرت. (إشعياء 45: 11-12)
حقاً أنت إله محتجب يا إله إسرائيل المخلّص،
قد خزوا وخجلوا كلهم،
مضوا بالخجل جميعاً الصانعون التماثيل،
أما إسرائيل فيَخلُص بالرب خلاصاً أبدياً،
لا تخزون ولا تخجلون الى دهور الأبد،
لأنه هكذا قال الرب خالق السموات،
هو الإله مصور الأرض وصانعها، هو قرّرها، لم يخلقها باطلاً،
للسكن صورها،
أنا الرب وليس آخر،
لم أتكلم بالخفاء في مكان من الأرض مظلم، لم أقل لنسل يعقوب باطلاً اطلبوني،
أنا الرب مُتكلم بالصِّدق، مُخبر بالاستقامة،
اجتمعوا وهلمّوا تقدّموا معاً أيها الناجون من الأمم،
لا يعلم الحاملون خشب صنمهم والمُصلّون إلى إله لا يُخلّص،
اخبروا قدّموا ليتشاوروا معاً،
من أعلم بهذه منذ القديم، أخبَرَ بها منذ زمان،
أليس أنا الرب ولا إله غيري، إلهٌ بارُّ،
ومخلّص ليس سواي،
التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض،
لأني أنا الإله وليس آخر. (إشعياء 45: 15-22)
انه الرب الواحد خالق السموات والأرض لا إله سواه، لتعلم البشرية كلها من مشارق الأرض ومغاربها أنه ليس إله غيره، انه إله محتجب عن أعين الناس وليس كيسوع وأبيه، الذي لم يراه الناس فقط بل قاموا بضربه وجلده والبصق عليه والاستهزاء به وصلبه وقتله!
الرب الواحد الذي صنع الأرض وما فيها بالحق وليس باطلاً، إنه الرب الواحد الذي لم يتكلم بالخفاء ويُخبر بالأُمور التي ستقع في المستقبل، والتي وقعت كما قال، وليس كيسوع الذي كثيراً ما كان يتكلم بالخفاء كما في النص التالي:
الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور. (متّى 10: 27)
كما انه لم يتكلم بكلمة واحدة عن المستقبل وتحققت كما قال، وقد بينت كل أقواله التي قالها ولم تقع في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة وسأكتفي هنا بذكر مثل واحد يفي بالغرض.
- ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأُخرى،
فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان. (متّى 10: 23)
في هذا النص يقول يسوع انه سيعود قبل إكمال التلاميذ الكرازة أو التبشير في مدن إسرائيل، ونحن نعلم أن التلاميذ والكنائس من بعدهم قد أكملوا الكرازة في معظم مدن العالم وليس في إسرائيل وحدها ومع هذا لم يره أحد آتياً! لهذا يجب القول كما قال الرب خالق السموات والأرض عن ذاته أنه لا إله غيره ولا سواه مخلص.
بمن تشبهونني وبمن تسوّونني وتمثّلونني لنتشابه،
الذين يفرغون الذهب من الكيس والفضة،
بالميزان يزِنون يستأجرون صائِغاً،
ليصنعها إلهاً يَخِرّون ويسجدون،
يرفعونه على الكتف،
يحملونه ويضعونه في مكانه ليقف،
من موضعه لا يبرح،
يزعقُ أحد إليه فلا يُجيب، من شِدّته لا يُخلّصُه،
اذكروا هذا وكونوا رجالاً،
رددوه في قلوبكم أيها العصاة،
اذكروا الأوليات منذ القديم،
لأني أنا الإله وليس آخر، الإله وليس مثلي. (إشعياء 46: 5-9)
في هذا النص تأكيد مرة أُخرى على أن الرب خالق السموات والأرض هو الإله الحق وليس هناك إله آخر، ولا إله مثله ولا إله يُشبهه، وأن كل من يشك في هذه الحقيقة ما عليه سوى مقارنة تلك الآلهة وصفاتها بالرب وصفاته، وكنت قد بينت الفرق بين صفات الرب الواحد الإله الحق خالق السموات والأرض وصفات يسوع وأبيه في كتاب شخصيات الأناجيل، وأظهرت مدى مخالفة ومناقضة صفات يسوع وأبيه لكل صفات الرب التي يتحدث عنها العهد القديم، ومن أهمها أن الرب خالق السموات والأرض واحد، وأنه ليس معه إله، ولا يُشبهه أحد من مخلوقاته، وليس مثل يسوع وأبيه من حيث أنهما بشر وأنهما يشبهان الناس وأنهما مع الروح المقدس يمثلون الآلهة التي تعبدها الكنائس وإن قالت أن هذه الآلهة الثلاث واحد!
- ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الإله وليس آخر. (الملوك الاول 8: 60)
في هذا النص طلب من كل الشعوب أن تعلم أن الرب هو الإله وأنه لا يوجد معه آلهة أُخرى وليس كما تقول الأناجيل والكنائس عن الآلهة الثلاثة التي تعبدها.
فأنتم شهودي هل يوجد إله غيري. (إشعياء 44: 8)
في هذا النص يطلب الرب شهادة بني إسرائيل على وحدانيته وأنه لا يوجد إله غيره نظراً لكثرة الأنبياء الذين أُرسلوا إليهم ولكثرة المعجزات التي شاهدوها منه سواء في مصر أو في سيناء أو بعد دخولهم الأرض المقدسة، فهل يوجد أحد من أنبياء بني إسرائيل من شهد بغير هذه الشهادة وقال أنه يوجد آلهة حقيقية أُخرى يجب عبادتها والخضوع لها، حتى جاء كتبة الأناجيل والكنائس المختلفة ونقضوا هذا الاصل وقالوا بتعدد الآلهة وتجسدها في حالات مادية سواء حمامة أو إنسان.
- والآن أيها الرب خلِّصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الربّ الإله وحدك. (الملوك الثاني 19: 19)
- والآن أيها الرب إلهنا خلصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب وحدك. (إشعياء 37: 20)
في هذين النصين نقرأ أن بني إسرائيل كانوا يُعلنون في كل وقت بأن الرب هو الإله وحده، وخاصة أوقات الضيق والشدة، فقد كانوا يطلبون الخلاص من الرب لإثبات وحدانيته للأُمم التي كانت تحاربهم.
بعد هذا الكلام عن الأصل والأساس الأهم الذي قام عليه العهد القديم ومخالفة كتبة الأناجيل والكنائس له ندرك أنه لا بد أن تكون المصادر التي اعتمد عليها كتبة الأناجيل هي غير مصادر العهد القديم، وهو ما يدعونا للبحث عن مصادر الأناجيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق