الثلاثاء، 24 يوليو 2018

مصدر قول يسوع عن رؤية السماء مفتوحة والملائكة تصعد وتنزل عليه، ومصدر قول رجل ليسوع دعني أدفن أبي، ومصدر قول يسوع من أُمي وإخوتي! ومصدر دعاء وصلاة يسوع، ومصدر قول يسوع عن الذين يشهدون له، مصدر قول يسوع عن محاسبة الإنسان على أعماله

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم السادس: النصوص المقتبسة من العهد القديم دون نسبتها له مباشرة
في هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص المقتبسة من العهد القديم والتي لم تُنسب إليه مباشرة، كما هو الحال في الأقسام السابقة، أو ما أُطلق عليه الحبكة القصصية والحوارية، وفيه سنطلع على معظم الأحداث والقصص والأقوال المذكورة في الأناجيل ومقارنتها بالعهد القديم وبواقع حال يسوع كما تصفه قوانين إيمان الكنائس، وأبدأ ببعض أسماء وألقاب يسوع.
62 - مصدر قول يسوع أنهم سيرون السماء مفتوحة والملائكة تصعد وتنزل على ابن الإنسان
- في الغد أراد يسوع أن يخرج إلى الجليل فوجد فيلبس فقال له اتبعني،
وكان فيلبس من بيت صيدا من مدينة أندراوس وبطرس،
فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة،
فقال له نثنائيل أمِن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح،
قال له فيلبس تعال وانظر،
ورأى يسوع نثنائيل مُقبلاً إليه فقال عنه هو ذا إسرائيلي لا غش فيه،
قال له نثنائيل من أين تعرفني،
أجاب يسوع وقال له قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك،
أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت ابن الإله، أنت ملك إسرائيل،
أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك إني رأيتك تحت التينة،
سوف ترى أعظم من هذا،
وقال له الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الإله يصعدون وينزلون على ابن الانسان. (يوحنا 1: 43-51)
هذا النص يمكن اعتباره مثالاً للاناجيل الاربعة وما تحويه من معلومات خاطئة ومتناقضة، فهذا النص يظهر تناقضاً بين الاناجيل في بدء كرازة يسوع وأوائل التلاميذ كما بينت ذلك سابقاً، كما انه يحتوي على قول منسوب الى موسى والانبياء بالقول انهم كتبوا عن يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة وهذا القول ليس مكتوباً في العهد القديم!
وهو أيضاً يحمل خطأ كبيراً بالقول أن يسوع هو ابن يوسف النجار! والاناجيل والكنائس المختلفة تقول ان يسوع ليس ابناً ليوسف، وكذلك يوجد فيه صفة خاطئة ليسوع بقوله أنت ملك اسرائيل، وكتبة الاناجيل والكنائس متفقون على ان يسوع لم يكن ملكاً على اسرائيل في يوم من الأيام، حتى ان يسوع في المحاكمة قال ان مملكته ليست من هذا العالم، أي انه ليس ملك اسرائيل.
وأخيراً فإن فيه قولاً لم يتحقق وهو قول يسوع انه من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الإله يصعدون وينزلون على ابن الانسان، ولم يذكر أحد من كتبة الاناجيل أو غيرهم أنهم رأوا السماء مفتوحة، ولا أنهم رأوا الملائكة تصعد وتنزل على يسوع! وهذا كله يؤكد أن هذا النص ليس وحياً ولم يكتب بسوق من الروح المقدس، فمن أين اقتبس يوحنا قول يسوع عن الملائكة التي تصعد وتنزل؟
توجد عدة نصوص في العهد القديم تتحدث عن نزول ملائكة من السماء وصعودهم إليها، ومنها النص التالي:
- فخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران، وصادف مكاناً وبات هناك لأن الشمس كانت قد غابت، وأخذ من حجارة المكان ووضعه تحت رأسه فاضطجع في ذلك المكان،
ورأى حلماً وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء،
وهوذا ملائكة الإله صاعدة ونازلة عليها. (تكوين 28: 10-12)
هذا النص عبارة عن حلم ليعقوب، والأحلام لا اعتراض عليها، لأن أي إنسان يستطيع القول انه حلم أحلاماً عن أي شيء دون أن ينازعه أحد في مضمونها، وأما ما كتبه يوحنا على لسان يسوع فقد ضمنه التناقضات والأخطاء السابق ذكرها، وكان الحديث عن رؤية السماء مفتوحة والملائكة تنزل وتصعد على ابن الإنسان في الواقع وليس في الأحلام، وهو ما لم يحدث ولم يذكره أحد من كتبة الأناجيل، وهذا يشكك ليس في أن هذه القصة لم تكتب بسوق من الروح المقدس أو عن طريق الوحي فقط، بل ويشكك في الصفات المكتوبة عن يسوع من أنه إله وابن إله وأحد الأقانيم الثلاثة، لأن هذه الصفات لو كانت صحيحة لتحقق كلامه ورأى الناس السماء مفتوحة والملائكة تنزل وتصعد عليه.
63 - مصدر قول يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم
- وقال له آخر من تلاميذه يا سيد ائذن لي أمضي أولاً وأدفن أبي،
فقال له يسوع اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم. (متّى 8: 21-22)
- وقال لآخر اتبعني، فقال يا سيد ائذن لي أن أمضي أولاً وأدفن أبي،
فقال له يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم وأما أنت فاذهب وناد بمملكة الإله. (لوقا 9: 59-60)
إن الإنسان عندما يقرأ هذين النصين يشعر بالحزن، إذ كيف يكتب متّى ولوقا عن قسوة قلب يسوع وهو يمنع تلميذه من دفن أبيه بحجة واهية وخاطئة ومتناقضة كذلك، بقوله دع الموتى يدفنون موتاهم واذهب أنت وناد بمملكة الإله، فقوله اذهب وناد بمملكة الإله كان يمكن للتلميذ ان يقوم به بين أهله وعشيرته، ولا توجد لحظة ولا وقت مناسب للتذكير بمملكة الإله أفضل من اللحظة التي يواجه فيها البشر الموت، فهذا التلميذ كان يستطيع ان يُنادي بمملكة الإله وفي ذات الوقت يساهم في دفن والده.
لهذا أستطيع القول ان هذا النص ليس وحياً لما يتضمنه من أخطاء، فمن أين اقتبس متّى ولوقا هذا النص وكتباه على لسان يسوع؟
لنقرأ النص التالي:
- فذهب من هناك ووجد أليشع بن شافاط يحرث واثنا عشر فدان بقر قدّامه وهو مع الثاني عشر فمرّ إيليا وطرح رداءه عليه، فترك البقر وركض وراء إيليا،
وقال دعني أُقبّل أبي وأمي وأسير ورائك،
فقال له اذهب راجعاً لأني ماذا فعلت لك،
فرجع من ورائه وأخذ فدان بقر وذبحهما وسلق اللحم بأدوات البقر وأعطى الشعب فأكلوا ثم قام ومضى وراء إيليا وكان يخدمه. (الملوك الاول 19: 19-21)
إن وجود هذه القصة في العهد القديم جعلت متّى ولوقا يسارعان الى كتابة قصة شبيهة بها ليسوع مع الفارق الكبير الذي نلاحظه بينهما، فأليشع طلب من إيليا ان يُقبّل رأس أبيه، فلم يقل له إيليا لا تُقبّل رأس ميت أو أن أباك لا يستحق أن تُقَبّل رأسه بل قال له ارجع، فرجع أليشع وأطعم الشعب في ذلك المكان من لحم البقر ثم تبع إيليا.
من هنا أقول إن حرص كتبة الاناجيل على اقتباس نصوص العهد القديم وكتابتها في أناجيلهم هو ما أوقعهم في كل الأخطاء والتناقضات والغرائب التي نقرأها في الاناجيل!
64 - مصدر قول يسوع عن محاسبة الإنسان على أعماله
- ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيُميّز بعضهم من بعض كما يُميّز الراعي الخراف من الجداء، فيُقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار، ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مُباركي أبي رثوا المملكة المُعدة لكم منذ تأسيس العالم،
لأني جُعت فأطعمتموني،
عطشت فسقيتموني،
كنت غريباً فآويتموني،
عُرياناً فكسوتموني،
مريضاً فزرتموني،
محبوساً فأتيتم إليّ،
فيُجيبه الأبرار حينئذ قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً فأطعمناك أو عطشاناً فسقيناك ومتى رأيناك غريباً فآويناك أو عرياناً فكسوناك ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا أليك،
فيُجيب الملك ويقول لهم الحق لقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم،
ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته،
لأني جُعت فلم تطعموني، عطشت فلم تسقوني، كنت غريباً فلم تؤوني عرياناً فلم تكسوني، مريضاً ومحبوساً فلم تزوروني،
حينئذ يُجيبونه هم أيضا قائلين يا رب متى رأيناك جائعاً أو عطشاناً أو غريباً أو عرياناً أو مريضاً أو محبوساً ولم نخدمك،
فيُجيبهم قائلاً الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوا،
فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية. (متّى 25: 31-46)
هذا النص وإن كان يحمل في ثناياه بعض الأخطاء التي تحدثت عنها سابقاً عند الحديث عن ابن الإنسان، إذ أنه وعد التلاميذ بالمجيء قبل موتهم جميعاً، ومع هذا فلم يأت كما وعد، ونحن الآن بعد قرابة التسعة عشر قرناً من موت التلاميذ جميعاً ولم يأت بعد في مجده وجميع الملائكة معه، ولم يجلس على كرسي مجده!
كما أن هذا النص يُدين التلاميذ كلهم إذ أن يسوع كان في الحبس ليلة القبض عليه وكان عطشاناً وعرياناً ومجروحاً عندما صُلب ولم يقم أحد من التلاميذ بعمل شيء له بل تركوه وحيداً وهربوا عنه عند إلقاء القبض عليه وأنكروه وشكوا فيه عند مُحاكمته، وكانوا مُختبئين وقت صلبه، وهذا يعني أن التلاميذ سيكونون مع المُدانين وليس مع الناجين، وهذا كله يُشير الى أن هذا النص ليس وحياً، إلا أن النص يحمل في ثناياه قيماً إنسانية تدعو لمساعدة المحتاجين، ومعاني النص وجدتُ شبيهاً لها في نص في كتاب أيوب قد يكون لوقا اقتبس نصه منه مع بعض اللمسات الشخصية له، وهو كما يلي:
- لأنك ارتهنت أخاك بلا سبب، وسلبت ثياب العراة، ماء لم تسق العطشان وعن الجوعان منعت خبزاً، أما صاحب القوة فله الأرض والمترفع الوجه ساكن فيها، الأرامل أرسلت خاليات وذراع اليتامى انسحقت. (أيوب 22: 6-9)
65 - مصدر قول يسوع من هي أُمي ومن هم إخوتي
علاقة يسوع بأُمه في الأناجيل من العلاقات المعقدة عند دراستها بمختلف أبعادها، وهي تثير الكثير من التساؤلات، وكنت قد ناقشت هذه العلاقة بالتفصيل في كتاب شخصيات الأناجيل، وما يهم هنا هو بعض النصوص التي كتبت على لسانه وتظهر علاقة ليست جيدة معها، وهي كما يلي:
- وفيما هو يُكلم الجموع إذا أُمه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يُكلموه،
فقال له واحد هو ذا أُمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يُكلموك،
فأجاب وقال للقائل له من هي أُمي ومن هم إخوتي،
ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أُمي وإخوتي، لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماء هو أخي وأختي وأمي. (متّى 12: 46-50)
- فجاءت حينئذ إخوته وأُمه ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه،
وكان الجمع جالساً حوله فقالوا له هو ذا أُمك وإخوتك خارجاً يطلبونك،
فأجابهم قائلاً من أُمي وإخوتي،
ثم نظر حوله إلى الجالسين وقال ها أُمي وإخوتي،
لأن من يصنع مشيئة الإله هو أخي وأُختي وأُمي. (مرقس 3: 31-35)
- وجاء إليه أُمه وإخوته ولم يقدروا أن يصلوا إليه لسبب الجمع،
فاخبروه قائلين أُمك وإخوتك واقفون خارجاً يريدون أن يروك،
فأجاب وقال لهم أُمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الإله ويعملون بها. (لوقا 8: 19-21)
هذه النصوص قد يستغرب الإنسان كيف كتبت على لسان يسوع، إذ أن أي إنسان عادي يفرح أشد الفرح برؤية أُمه وينسى كل أشغاله ليستقبلها ويكرمها، ولكن إذا عرفنا طريقة كتبة الأناجيل في اقتباس نصوصها من العهد القديم فسينتهي أي استغراب، فهم كانوا حريصين على اقتباس كل ما يستطيعون من نصوص حتى لو كانت متناقضة أو مليئة بالأخطاء كما قرأنا سابقاً، المهم عندهم هو اقتباس نصوص من العهد القديم، للقول لأتباعهم ان ما يكتبونه يشبه ما هو مكتوب فيه لإضفاء حالة من القداسة والمصداقية على ما كتبوه، وانه وحيّ من السماء، والنصوص السابقة ليست بعيدة عن هذه الطريقة، فلو قرأنا النص التالي لعلمنا السبب الذي أوقعهم في الكتابة عن العلاقة الغير جيدة والمتوترة بين يسوع وأُمه.
- الذي قال عن أبيه وأُمه لم أرهما وبإخوته لم يعترف وأولاده لم يعرف،
بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك، يُعلمون يعقوب أحكامك واسرائيل ناموسك. (تثنية 33: 9-10)
هذا النص يتكلم عن سبط لاوي، فيصفه بأنه في الدفاع عن الشريعة والحفاظ عليها لا يعرف ولا يحابي أباه وأُمه وإخوته وأولاده، فقام متّى ومرقس ولوقا بتجسيد هذه القصة على علاقة يسوع بأُمه وإخوته! مع أن واقع حال أُمه لا يدل على عدم التزامها بكلام الإله والعمل بما فيه وصنع مشيئة الإله، في حين أن من قال عنهم يسوع، أو بمعنى أدق قال عنهم كتبة الأناجيل، أنهم أُمه وإخوته وأخواته، أي تلاميذه، لم يسمعوا كلام الإله ولا كلامه هو ولا عملوا به عندما طلب منهم السهر والصلاة معه ليلة القبض عليه وأمضوا تلك الليلة نياماً!
ولا هم عملوا بكلامه عندما طلب منهم حمل صلبانهم وإتباعه، إذ أنهم ما أن رأوا الجند قادمين حتى ولوّا هاربين وقاموا بإنكاره وشكوا فيه جميعاً وزاد عليهم بطرس بلعنه!
وكذلك لم يصدقوا قيامته من الأموات حتى أنه وبخ عدم إيمانهم، كل هذه الأمور وغيرها الكثير والتي تظهر عدم سماع التلاميذ لكلام الإله والعمل به، بالإضافة لإظهار علاقته بأُمه بشكل غير جيد تدل على أن هذه النصوص ليست وحياً وأنها مقتبسة من العهد القديم، والمشكلة في الأناجيل بشكل عام ليس في الاقتباس من العهد القديم بل في الأخطاء التي تصاغ بها تلك النصوص والقصص كما هو الحال في هذه النصوص!
66 - مصدر دعاء وصلاة يسوع
من الأمور المثيرة والغريبة في الأناجيل هو خلوها من الأدعية والصلوات، فالأناجيل الأربعة لا تحتوي إلا على دعاء واحد، أو صلاة واحدة، مكتوب على لسان يسوع في حين أن العهد القديم يوجد فيه عشرات الصلوات والأدعية بل مئات، سواء في التوراة أو في كتب الأنبياء أو في المزامير الذي هو عبارة عن مجموعة من الأدعية والصلوات يصل عددها الى مائة وخمسين مزموراً، وهذا الأمر استدعى من الكنائس الاستعانة بما في المزامير وغيرها من كتب العهد القديم في صلواتها في الكنائس لتغطية هذه القلة، إن لم أقل العدم لأنه لا يوجد سوى دعاء، أو صلاة، واحد، وكذلك الاستعانة بالشعراء والأدباء لكتابة أدعية وصلوات كي يذكروها في طقوسهم أيام الآحاد وفي الأعياد!
 وهذا الأمر الغريب، أي خلو الأناجيل من الصلوات والأدعية، يزداد غرابة إذا علمنا أن يسوع لم يُعلم تلاميذه هذه الصلاة إلا بعد أن طلب التلاميذ منه ذلك، لأنهم كانوا يرون يوحنا المعمدان يُعلم تلاميذه الصلاة، وسوف يزداد استغرابنا أكثر فأكثر إذا علمنا أن كتبة الأناجيل قد اقتبسوا هذا الدعاء أو الصلاة من العهد القديم ونسبوها الى يسوع، ودعاء يسوع مذكور في النص التالي:
- وإذ كان يُصلي في موضع لما فرغ قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا أن نصلي كما علم يوحنا أيضاً تلاميذه،
فقال لهم متى صليتم فقولوا أبانا الذي في السماء ليتقدس اسمك لتأت مملكتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض، خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم، واغفر لنا خطايانا لأننا نحن أيضاً نغفر لكل من يُذنب إلينا، ولا تدخلنا في تجربة ولكن نجنا من الشرير. (لوقا 11: 1-4)
- فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِتأْتِ مملكتك. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. (متّى 6: 9-13)
هذه الصلاة تشمل على دعاء لأبيهم الذي في السماء وهذا الأمر يتناقض مع العهد القديم، كما بينت ذلك سابقاً، ثم الطلب من أبيهم أن يعطيهم الخبز كفافاً كل يوم، وأن يغفر لهم ولا يُدخلهم في تجربة وأن يُنجيهم من الشرير، هذا ما تحويه الصلاة، وإذا قرأنا ما كتب في العهد القديم فإننا سنجد ذات الطلبات مع فارق وحيد وكبير وعظيم أن نصوص أو أدعية أو صلوات العهد القديم تطلب من الرب خالق السموات والأرض وحده ولا تتحدث عن ثلاث آلهة أو ثلاثة أقانيم أو أباً للبشرية حتى لو كان بالتبني كما تقول الكنائس المختلفة، وهي كما يلي:
- ابعد عني الباطل والكذب، لا تعطني فقراً ولا غنى، أطعمني خبز فريضتي، لئلا أشبع وأكفر وأقول من هو الرب، أو لئلا أفتقر وأسرق وأتخذ اسم إلهي باطلاً. (أمثال 30: 8-9)
احفظني يا رب من يدي الشرير. (مزمور 140: 4)
- قم يا رب تقدمّه اصرعه نج نفسي من الشرير بسيفك. (مزمور 17: 13)
هذه النصوص تحتوي على كل ما كتب في الأناجيل، وهناك دعاء كتبه يوحنا على لسان يسوع يطلب فيه من أبيه ان يحفظ التلاميذ من الشرير وهو كما يلي:
- لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير. (يوحنا 17: 15)
ومع هذا الدعاء إلا أن التلاميذ لم يُحفظوا، فهم جميعاً هربوا وقت إلقاء القبض عليه وكلهم أنكروه وشكوا فيه، ولم يصدقوا أنه قام من الأموات.
67 - مصدر قول يسوع عن الذين يشهدون له
إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً. (يوحنا 5: 31)
- فقال له الفريسيون أنت تشهد لنفسك شهادتك ليست حقاً،
أجاب يسوع وقال لهم وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق لأني أعلم من أين أتيت والى أين أذهب، وأما أنتم فلا تعلمون من أين آتي ولا إلى أين أذهب. (يوحنا 8: 14)
- وأيضاً في ناموسكم مكتوب أن شهادة رجلين حق،
أنا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الأب الذي أرسلني. (يوحنا 8: 17-18)
هذه ثلاثة نصوص في إنجيل يوحنا كل واحد منها ينقض الآخر، ويهدم قوانين إيمان الكنائس على رؤوس كاتبيها، ففي النص الأول كتب يوحنا على لسان يسوع قوله أن شهادته ليست حقاً، وبعد عدة صفحات كتب يوحنا نفسه على لسان يسوع قوله إن شهادته حق، فمن يستطيع أن يبين لنا حقيقة هذه الأقوال، هل شهادته حق أم لا؟!
وفي النص الثالث يتحدث يسوع، أو بمعنى أدق يوحنا، عن الناموس بطريقة تشير الى أنه ليس له أيّة علاقة بالرب الإله الحق خالق السموات والأرض الذي أنزل الناموس أو الشريعة أو التوراة على موسى، فيقول ناموسكم! وإلا لو كان له أيّة علاقة بالرب خالق السموات والأرض الذي أنزل الناموس لقال ناموسي للإشارة الى هذه العلاقة والى التثليث! ثم يستدل من ناموسهم بشريعة الشهود التي تقول بقبول شهادة رجلين في الحكم بين الناس، فيقول ان من يشهد له هو نفسه وأبوه، وفي هذا إثبات أن أب يسوع رجل كباقي الرجال! وفي هذا نقض لكل الأقوال التي تقول أن أباه له علاقة بالرب خالق السموات والأرض، الذي هو ليس انساناً ولا يشبه أي من مخلوقاته كما بينت ذلك سابقاً.
بالإضافة الى ان هذا الاستدلال خطأ لأن شريعة قبول الشاهدين في هذه الحالة تحتاج الى شاهد آخر، لأن قبول شهادة اثنين لا تعني شهادة الانسان لنفسه بل يحتاج الى شهادة اثنين آخرين غيره، وإلا لأصبحت الشريعة تقضي بقبول شهادة رجل واحد وهذا ما لا تقوله الشريعة أو الناموس! فهذه الأخطاء والتناقضات تشير الى أن هذه النصوص لا علاقة لها بالوحي، فمن أين اقتبس يوحنا هذه الفكرة؟
لنقرأ النصوص التالية:
- يا أرض لا تغطي دمي ولا يكن مكان لصراخي،
أيضاً الآن هو ذا في السموات شهيدي وشاهدي في الأعالي،
المستهزئون بي هم أصحابي للإله تقطر عيني. (أيوب 16: 18-20)
- مرة حلفت بقدسي أني لا أكذب لداوُد،
نسله الى الدهر يكون وكرسيه كالشمس أمامي،
مثل القمر يُثبّتُ إلى الدهر، والشاهد في السماء أمين، سلاة. (مزمور 89: 35-37)
في هذين النصين نقرأ ان الشاهد في السماء أمين وأنه يشهد للناس، وشهادة الرب هي الحق، ودون الحاجة لما نقرأه في نصوص يوحنا السابقة من تناقضات وأخطاء، كما أن أعظم شهادة للرب هي شهادته لذاته أنه الرب خالق السموات والارض الإله الحق الواحد الذي ليس معه إله ولا دونه إله وهذه الشهادة تنقض كل ما قامت عليه الأناجيل وقوانين إيمان الكنائس المختلفة.
- من أجل أنهما عملا قبيحاً في إسرائيل وزنيا بنساء أصحابهما وتكلما باسمي كلاماً كاذباً لم أُوصهما به،
وأنا العارف والشاهد يقول الرب. (إرميا 29: 23)
في هذا النص يقول الرب أنه هو العارف والشاهد، فبماذا شهد الرب؟
لنقرأ شهادة الرب في النص التالي:
- اجتمعوا يا كل الأُمم معاً ولتلتئم القبائل،
من منهم يُخبر بهذا ويُعلمنا بالأوليات،
ليُقدموا شهودهم ويتبرروا، أو ليسمعوا فيقولوا صدق،
أنتم شهودي يقول الرب،
وعبدي الذي اخترته،
لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو،
قبلي لم يُصور إله وبعدي لا يكون،
أنا أنا الرب وليس غيري مخلّص،
أنا أخبرت وخلّصت وأعلمت وليس بينكم غريب،
وأنتم شهودي يقول الرب،
وأنا الإله،
أيضاً من اليوم أنا هو ولا منقذ من يدي،
أفعل ومن يردّ،
هكذا يقول الرب فاديكم قدّوس اسرائيل،
لأجلكم أرسلت إلى بابل وألقيتُ المغاليق كلها والكلدانيين في سفن ترنمهم،
أنا الرب قدّوسكم خالق إسرائيل، ملِكَكم،
هكذا يقول الرب الجاعل في البحر طريقاً وفي المياه القوية مسلكاً،
المُخرج المركبة والفرس الجيش والعِزّ يضطجعون معاً لا يقومون قد خمدوا كفتيلة انطفأوا،
لا تذكروا الأوليات والقديمات لا تتأملوا بها،
هاأنذا صانعٌ أمراً جديداً،
الآن ينبت،
ألا تعرفونه،
أجعل في البرية طريقاً في القفر أنهاراً،
يُمجّدني حيوان الصحراء الذئاب وبنات النعام،
لأني جعلت في البرية ماءً،
أنهاراً في القفر لأسقي شعبي مُختاري،
هذا الشعب جبلته لنفسي،
يُحَدّثُ بتسبيحي،
وأنت لم تدعُني يا يعقوب حتى تتعب من أجلي يا إسرائيل،
لم تُحضر لي شاة مُحرقتكَ وبذبائحك لم تكرمني،
لم أستخدمك بتقدمةٍ ولا أتعبتك بِلِبان،
لم تشترِ لي بفضة قَصَبَاً وبذبائحك لم تروني،
لكن استخدمتني بخطاياك،
وأتعبتني بآثامك،
أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي، وخطاياك لا أذكرها،
ذكّرني فنتحاكم معاً،
حدّث لكي تتبرر،
أبوك الأول أخطأ،
ووسطاؤك عصوا عليّ،
فدنّستُ رؤساء القدس،
ودفعتُ يعقوب الى اللعن وإسرائيل الى الشتائم. (إشعياء 43: 9-28)
اجتمعوا يا كل الأُمم والشعوب هل تقرؤون في هذا النص أو في غيره من نصوص العهد القديم عن آلهة حقيقية أُخرى مع الرب، الذي لم يصوره أحد من قبل ولا من بعد حتى فعل ذلك الأمر كتبة الأناجيل والكنائس؟
هل كتب في العهد القديم عن إله حق غير الرب وعن مخلص غيره؟
هل قال الرب الإله الحق عن آلهة أُخرى تعبد معه أو من دونه؟
هذه شهادة الرب الإله الحق خالق السموات والأرض الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات والذي لا يسكن على الارض والذي لا يقدر عليه إنسان ولا يكذب ولا يُخطئ، وأما شهادة غيره عن نفسه فهي كما نقرأ ونسمع، فالذي ينام على وسادة ليس إلهاً والذي يسكن في بطن امرأة تسعة أشهر ليس إلهاً والذي يُبصق على وجهه ليس إلهاً والذي يعطش ويجوع ليس إلهاً والذي يُخطئ كل هذه الأخطاء في الأناجيل ليس إلهاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق