الثلاثاء، 24 يوليو 2018

قول يسوع بمنع الحلف ينقض التوراة وقول يسوع أعط ما لقيصر لقيصر ينقض التوراة

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم السادس: النصوص المقتبسة من العهد القديم دون نسبتها له مباشرة
في هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص المقتبسة من العهد القديم والتي لم تُنسب إليه مباشرة، كما هو الحال في الأقسام السابقة، أو ما أُطلق عليه الحبكة القصصية والحوارية، وفيه سنطلع على معظم الأحداث والقصص والأقوال المذكورة في الأناجيل ومقارنتها بالعهد القديم وبواقع حال يسوع كما تصفه قوانين إيمان الكنائس، وأبدأ ببعض أسماء وألقاب يسوع.
55 - قول يسوع بمنع الحلف ينقض التوراة أو الشريعة
- أيضاً سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك،
وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا ألبتة لا بالسماء لأنها كرسي الإله. (متّى 5: 33-34)
في هذا النص كتب متّى على لسان يسوع منعه الحلف ألبتة! وهذا الحكم ينقض عشرات النصوص في العهد القديم، ومنها ما يلي:
الرب إلهك تتقي وإياه تعبد، وباسمه تحلف. (تثنية 6: 13)
الرب إلهك تتقي وإياه تعبد وبه تلتصق، وباسمه تحلف. (تثنية 10: 20)
هذان النصان فيهما تأكيد على الحلف باسم الرب، وهناك نص يقول أن الحلف باسم الرب يدعو للفخر وهو كما يلي:
- أما المَلِك فيفرح بالإله، يفتخر كل من يحلف به، لأن أفواه المتكلمين بالكذب تسَدُّ. (مزمور 63: 11)
ومتّى في النص السابق كتب على لسان يسوع النهي عن الحلف ألبتة! وهذا يبين خطأ قول يسوع أنه ما جاء لينقض الناموس بل ليكمل، وهو يثبت أيضاً أنه لا علاقة ليسوع بالرب خالق السموات والأرض، وليس كما تقول عنه الأناجيل والكنائس، لأنه لو كانت له علاقة لتغيرت صيغة كلامه السابق، كأن يقول قلت للقدماء، أو قلنا للقدماء، أما ان يقول قيل للقدماء فهذا يعني أنه لا علاقة له بمن قال للقدماء، وهو الرب، وهذا يشير الى أن قانون لا تقبل خبراً كاذباً ينطبق على قول يسوع بمنع الحلف.
56 - قول يسوع أعطوا ما لقيصر لقيصر ينقض التوراة أو الشريعة
- حينئذ ذهب الفريسيون وتشاوروا لكي يصطادوه بكلمة،
فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين يا مُعلم نعلم أنك صادق وتُعلّم طريق الإله بالحقّ ولا تُبالي بأحد لأنك لا تنظر الى وجوه الناس،
فقل لنا ماذا تظن، أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا،
فعلم يسوع خبثهم وقال لماذا تجربونني يا مُراؤون،
أروني معاملة الجزية، فقدّموا له ديناراً،
فقال لهم لمن هذه الصورة والكتابة،
قالوا له لقيصر،
فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للإله للإله. (متّى 22: 15-21)
- ثم أرسلوا إليه قوماً من الفريسيين والهيرودسيين لكي يصطادوه بكلمة،
فلما جاءوا قالوا له يا مُعلم نعلم أنك صادق ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر الى وجوه الناس بل بالحقّ تُعلم طريق الإله،
أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا، نعطي أم لا نعطي،
فعلم رياءهم وقال لهم لماذا تجربونني، إيتوني بدينار لأنظره،
فأتوا به فقال لهم لمن هذه الصورة والكتابة فقالوا لقيصر،
فأجاب يسوع وقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للإله للإله، فتعجبوا منه. (مرقس 12: 13-17)
- فراقبوه وأرسلوا جواسيس يتراءون أنهم أبرار لكي يُمسكوه بكلمة حتى يُسلموه الى حكم الوالي وسلطانه،
فسألوه قائلين يا معلم نعلم أنك بالاستقامة تتكلم وتُعلّم ولا تقبل الوجوه بل بالحقّ تُعلّم طريق الإله،
أيجوز لنا أن نُعطي الجزية لقيصر أم لا،
فشعر بمكرهم وقال لهم لماذا تجربونني،
أروني ديناراً، لمن الصورة والكتابة،
فأجابوا وقالوا لقيصر،
فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما للإله للإله،
فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدام الشعب، وتعجبوا من جوابه، وسكتوا. (لوقا 20: 20-26)
في هذه النصوص يكتب متّى ومرقس ولوقا قولاً على لسان يسوع من غرائب الأقوال، وهو دعوته لاطاعة الحكام الوثنيين والخضوع لهم، وهذا القول لم يكتب لاطاعة الحكام المؤمنين بل لاطاعة قيصر الوثني، وهذا القول ينقض تعاليم الرب خالق السموات والأرض كما في النص التالي:
- فإنك تجعل عليك ملكاً الذي يختاره الرب إلهك،
من وسط إخوتك تجعل عليك ملكاً،
لا يحلُّ لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك. (تثنية 17: 15)
في هذا النص يقول الرب أنه لا يحلّ إقامة حكام وثنيين على بني إسرائيل، فمن باب أولى أن لا يطيعوهم، وهذا يتناقض مع النصوص السابقة، وهو يُظهر طريقة كتبة العهد الجديد بالسعي لعدم التصادم مع الحكام الوثنيين الذين كثيراً ما كان يثور عليهم بنو اسرائيل خلال احتلالهم للأرض المقدسة، وهذا الأمر، أي الخضوع للحكام الوثنيين، نجده أوضح عند بولس الذي كان يدعو للخضوع للحكام الوثنيين، لا بل انه كان يعتبر ان من يُقاومهم فإنه يقاوم الإله! كما في النصين التاليين:
- لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الإله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الإله،
حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الإله،
والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة،
فإن الحكام ليسوا خوفا للأعمال الصالحة بل للشريرة،
أفتريد أن لا تخاف السلطان، افعل الصلاح فيكون لك مدح منه،
لأنه خادم الإله للصلاح، ولكن إن فعلت الشر فخف،
لأنه لا يحمل السيف عبثاً إذ هو خادم الإله،
مُنتقم للغضب من الذي يفعل الشر،
لذلك يلزم أن يُخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل أيضاً بسبب الضمير،
فإنكم لأجل هذا توفون الجزية أيضاً،
إذ هم خدام الإله، مواظبون على ذلك بعينه، فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام. (رومية 13: 1-7)
- ذكرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين ويُطيعوا ويكونوا مستعدين لكل عمل صالح. (تيطس 3: 1)
فقول يسوع السابق يتناقض مع شريعة الرب وهذا يدل على أن مصادر الأناجيل مختلفة عن مصدر العهد القديم، وأن ما نقرأه من تشابه بينهما إنما هو محاولة من الكتبة لإضفاء حالة من القداسة والمصداقية على ما كتبوه والقول انها  امتداد له، وهذا يدل على أن قانون لا تقبل خبراً كاذباً ينطبق على قول يسوع أعطوا ما لقيصر لقيصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق