الثلاثاء، 24 يوليو 2018

مصدر أعداد تلاميذ يسوع في الأناجيل الأربعة

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم السادس: النصوص المقتبسة من العهد القديم دون نسبتها له مباشرة
في هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص المقتبسة من العهد القديم والتي لم تُنسب إليه مباشرة، كما هو الحال في الأقسام السابقة، أو ما أُطلق عليه الحبكة القصصية والحوارية، وفيه سنطلع على معظم الأحداث والقصص والأقوال المذكورة في الأناجيل ومقارنتها بالعهد القديم وبواقع حال يسوع كما تصفه قوانين إيمان الكنائس، وأبدأ ببعض أسماء وألقاب يسوع.
70 - مصدر أعداد تلاميذ يسوع في الأناجيل
تحدثت الاناجيل عن التلاميذ وأعدادهم، فهل كان الحديث عن أعدادهم صحيحاً وغير متناقض مع بعضها البعض، بحيث نقول أن ما كتب عنهم كان عن مشاهدة ومعرفة دقيقة ووحي، أم إنها أعداد غير صحيحة وأنها لم تكن عن مشاهدة ولا عن معرفة ولا عن طريق وحي وأنها اقتبست من العهد القديم كعادة ومنهج كتبة الاناجيل؟!
لنقرأ النصوص التالية:
- ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يُخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف. (متّى 10: 1)
- وأما أسماء ألاثني عشر رسولا فهي هذه
1- الأول سمعان الذي يُقال له بطرس
2- وأندراوس أخوه
3- يعقوب بن زبدي
4- ويوحنا أخوه
5- فيلبس
6- وبرثولماوس
7- توما
8- ومتّى العشّار
9- يعقوب بن حلفي
10- ولبّاوس المُلقب تدّاوس
11- سمعان القانوي
12- ويهوذا الاسخريوطي الذي أسلمه. (متّى 10: 2-4)
هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً إلى طريق أُمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا،
بل اذهبوا بالحريّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة،
وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين إنه قد اقتربت مملكة السماء،
اشفوا مرضى، طهّروا بُرصاً، أقيموا موتى،
أخرجوا شياطين مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا. (متّى 10: 5-8)
- ثم صعد إلى الجبل ودعا الذين أرادهم فذهبوا إليه، وأقام اثني عشر ليكونوا معه وليُرسلهم ليكرزوا،
ويكون لهم سلطان على شفاء الأمراض، وإخراج الشياطين،
1- وجعل لسمعان اسم بطرس،
2- ويعقوب بن زبدي،
3- ويوحنا أخا يعقوب وجعل لهما اسم بوانرجس، أي ابني الرعد،
4- واندراوس،
5- وفيلبس،
6- وبرثولماوس،
7- ومتّى،
8- وتوما،
9- ويعقوب بن حلفي،
10- وتدّاوس،
11- وسمعان القانوي،
12- و يهوذا الاسخريوطي الذي أسلمه، ثم أتوا إلى البيت. (مرقس 3: 13-19)
- وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليُصلي، وقضى الليل كله في الصلاة للإله، ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضاً رسلاً،
1- سمعان الذي سماه بطرس،
2- اندراوس أخاه،
3- يعقوب،
4- ويوحنا،
5- فيلبس،
6- وبرثولماوس،
7- متّى،
8- وتوما،
9- يعقوب بن حلفي،
10- وسمعان الذي يُدعى الغيور،
11- يهوذا أخا يعقوب،
12- ويهوذا الاسخريوطي الذي صار مُسلّماً أيضاً. (لوقا : 12-16)
- فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط اسرائيل الاثني عشر. (متّى 19: 28)
هذه النصوص تتحدث عن الاثني عشر تلميذاً الذين اختارهم يسوع ليتبعوه في التجديد كما قال في النص الاخير، وهذه النصوص وغيرها التي تحدثت عن التلاميذ الاثني عشر تثير في النفس الكثير من التساؤلات حول حقيقة هذه الأعداد وذلك لما تحمله من أخطاء وتناقضات!
أول هذه الأخطاء وهو إصرار كتبة الاناجيل على ذكر التلاميذ الاثني عشر مع انهم جميعاً قالوا ان يهوذا الاسخريوطي خائن وسلم يسوع لليهود!
الخطأ الثاني وهو كتابة متّى عن إعطاء يسوع تلاميذه القدرة على إحياء الموتى بقوله لهم في النص الثاني أقيموا موتى وهذا من المعلوم عدم تحققه، لأنهم هم أنفسهم ماتوا، ولم تخبرنا الاناجيل انهم كانوا يُحيون الموتى!
الخطأ الثالث وهو الاختلاف في أسماء التلاميذ بين ما كتبه متّى ومرقس من جهة وما كتبه لوقا، فنجد أن لوقا حذف اسماً مما كتباه وأضاف اسماً لم يكتباه! فلوقا حذف اسم لباوس الملقب تداوس كما كتب متّى وتداوس فقط كما كتب مرقس، وأضاف اسم يهوذا أخ يعقوب الذي لم يكتبه كلاً من متّى ومرقس! وهذا يعني أنه إذا صدقنا الاناجيل الثلاثة فإن عدد التلاميذ ثلاثة عشر وليس اثني عشر، مما يعني انه كان من الواجب عدم كتابة اسم يهوذا الاسخريوطي كتلميذ وخاصة أنهم كتبوا عن خيانته، كما ان هذا العدد يعني أنه لا حاجة للوقا أن يكتب في أعمال الرسل قصة عن اختيار التلاميذ للتلميذ البديل ليهوذا الاسخريوطي والنهاية التي كتبها له وخالف فيها ما كتبه متّى عن نهاية يهوذا كما بينت ذلك سابقاً.
الخطأ الرابع وهو قول متّى أنهم سيجلسون على اثني عشر كرسياً ليدينوا أسباط اسرائيل الاثني عشر! وهذا القول ظاهره أنه صحيح، ولكن الدارس للعهد القديم يعلم أنه خطأ لان أسباط بني اسرائيل ثلاثة عشر سبطاً وليس اثني عشر سبطاً! لان العهد القديم يقول ان يعقوب اعتبر ابني يوسف أفرايم ومنسّى كل واحد منهما سبطاً مستقلاً ولهما حصتين في الارض المقدسة، كما في النصين التاليين:
والآن ابناك المولودان لك في أرض مصر قبلما أتيت إليك إلى مصر هما لي، أفرايم ومنسّى كرأوبين وشمعون يكونان لي،
وأما أولادك الذين تلد بعدهما فيكونان لك، على اسم أخويهم يُسمّون في نصيبهم. (تكوين 48: 5-6)
لأن بني يوسف كانوا سبطين منسّى وأفرايم. (يشوع 14: 4)
وسبط لاوي ليس له حصة فيها، كما هو مبين في العهد القديم، فعند الحديث عن الأسباط الاثني عشر يكون المقصود بهم الأسباط الذين اقتسموا الارض المقدسة فقط وغير داخل معهم سبط لاوي، وأما عند الحديث عن أسباط اسرائيل بالمطلق فهنا يصبح عددهم ثلاثة عشر، وأما عند الحديث عن أبناء يعقوب فهم اثنا عشر ابناً، من هنا أجد أن الحديث عن التلاميذ الاثني عشر الذين سيدينون أسباط اسرائيل الاثني عشر خطأ لأنه سيكون هناك سبطاً خارجاً عن حكم التلاميذ!
وعدم فهم كتبة الاناجيل لعدد أسباط اسرائيل نجده واضحاً فيما كتبه يوحنا في كتاب الرؤيا، مع أنه لم يكتب أسماء التلاميذ الاثني عشر في إنجيله، كما في النص التالي:
- وسمعت عدد المختومين مئة وأربعة وأربعين ألفاً مختومين من كل سبط من بني اسرائيل،
من سبط يهوذا اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط رأوبين اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط جاد اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط أشير اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط نفتالي اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط منسّى اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط شمعون  اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط لاوي اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط يساكر اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط زبلون اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط يوسف اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط بنيامين اثنا عشر ألف مختوم. (الرؤيا 7: 4-8)
فكما نقرأ فإن يوحنا كتب سبط يوسف وسبط منسّى وهو من أبناء يوسف فإذا قلنا انه يتحدث عن أبناء يعقوب فكان الواجب عليه ان لا يذكر منسّى، وأما إذا كان يتحدث عن الأسباط الذين اقتسموا الارض المقدسة فكما هو معلوم فإن أبناء يوسف قُسِّموا الى سبطين فهو لم يكتب السبط الثاني وهو سبط أفرايم الشهير! كما أنه كتب سبط لاوي ونسي كتابة سبط دان وهو السبط الذي ينتمي له شمشون، فهذه الأخطاء تدل على عدم علم يوحنا بنصوص العهد القديم، فضلاً عن أن يكون كتب رؤيته عن طريق الوحي، وهو ما يؤكد أن أعداد التلاميذ كتبت لتتوافق مع أسباط بني اسرائيل، وهذا الأمر نلاحظه بشكل أوضح فيما كتبه بولس كما في النص التالي:
- وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر، وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة أخِ أكثرهم باقٍ إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا، وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين، وآخر الكلّ كأنه للسقط ظهر لي أنا. (كورنثوس الاولى 15: 5-8)
في هذا النص نقرأ أن يسوع ظهر للاثني عشر تلميذاً مع ان الاناجيل تقول ان يهوذا خانه وشنق نفسه كما كتب متّى، أو سقط على وجهه فانسكبت أحشائه كما كتب لوقا، وهذا كله كان قبل صعود يسوع الى السماء واختيار التلميذ الثاني عشر كما كتب لوقا في أعمال الرسل، فكلام بولس عن ظهور يسوع للاثني عشر خطأ وهذا يبين أن هذا العدد مقتبس من العهد القديم!
الخطأ الخامس وهو قول يسوع في النص الثاني وأوصاهم قائلاً الى طريق أمم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا بالحري الى خراف بيت اسرائيل الضالة، فهذا مما خالف فيه التلاميذ والكنائس يسوع، إذ انهم ذهبوا الى الأمم وتركوا بني اسرائيل!
مما سبق نجد أن الحديث عن التلاميذ الاثني عشر إنما هو محاكاة لأسباط اسرائيل الاثني عشر ولبعض النصوص التي تتحدث عن اثني عشر رجلاً تم اختيارهم من هؤلاء الأسباط كما في النصين التاليين:
فالآن انتخبوا اثني عشر رجلاً من أسباط اسرائيل رجلاً واحداً من كل سبط. (يشوع 3: 12)
فدعا يشوع الاثني عشر رجلاً الذين عينهم من بني اسرائيل رجلاً واحداً من كل سبط. (يشوع 4: 4)
هذا بالنسبة للعدد اثني عشر فماذا عن أعداد التلاميذ الأُخرى؟
- وبعد ذلك عيّن الرب سبعين آخرين وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مُزمعاً أن يأتي، فقال لهم إن الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يُرسل فعلة إلى حصاده. (لوقا 10: 1-2)
هذا النص مكتوب في طبعة كتاب الحياة الصادرة عن دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط 1999.
- After this the Lord appointed seventy two others and sent them two by two ahead of hem to every town and place where he was about to go. (Luke 10: 1)
والترجمة العربية هي كما يلي:
- وبعد ذلك عين الرب أيضاً اثنين وسبعين آخرين، وأرسلهم اثنين اثنين، ليسبقوه الى كل مدينة ومكان كان على وشك الذهاب إليه. (لوقا 10: 1)
فهذا الاختلاف في العدد بين النسخ ليس بالأمر السهل لو كان الروح المقدس يسوق كتبة الاناجيل، إلا إذا أرادت الكنائس أن تقول إن الروح المقدس يمكن أن يخطئ في الأعداد أيضاً، وهذا يشير الى أن هذا النص مقتبس من أسفار العهد القديم. فمن أين اقتبس لوقا هذا العدد؟
 لنقرأ النص التالي:
- فقال الرب لموسى اجمع إليّ سبعين رجلاً من شيوخ اسرائيل الذين تعلم أنهم شيوخ الشعب وعرفاؤه وأقبل بهم الى خيمة الاجتماع ، فيقفوا هناك معك، فأنزل أنا وأتكلم معك هناك وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم، فيحملون معك ثقل الشعب فلا تحمل أنت وحدك. (عدد 11: 16-17)
هذا النص سبق ليوحنا كاتب الانجيل ان اقتبس منه قصة نفخ يسوع وإعطاء الروح المقدس للتلاميذ كما بينت ذلك سابقاً، وهنا يأتي لوقا ليقتبس منه قصة إرسال يسوع لسبعين تلميذاً، أو لاثنين وسبعين تلميذاً كما هو مكتوب في النسخ الأُخرى!
بهذا نكون قد استعرضنا معظم ما احتوته الأناجيل من قصص وأقوال، والتي تبين لنا أنها مقتبسة من العهد القديم على الرغم من عدم تصريح الكتبة بذلك كما في الأقسام السابقة، وتبقى مسألة واحدة لا بد من الإشارة إليها وهي أن ما تبقى من أقوال منسوبة لشخصيات الأناجيل، والتي لم أُناقشها في هذا القسم وذلك لعدم وجود أخطاء مهمة فيها أو تناقضات، يمكن عند البحث والتدقيق إيجاد أُصولها في العهد القديم، وسأكتفي في هذا المقام بذكر بعض تلك الأقوال المكتوبة في الأناجيل ومثيلاتها المقتبسة منها في العهد القديم ودون الحاجة للتعليق عليها، وهي كما يلي:
1 - وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً إن عطش أحد فليُقبل إليّ ويشرب. (يوحنا 7: 37)
أيها العطاش جميعاً هلموا الى المياه. (إشعياء 55: 1)
2 - لأنه في هذا يصدق القول إن واحداً يزرع وآخر يحصد. (يوحنا 4: 37)
أزرع وغيري يأكل. (أيوب 31: 8)
3 - فقالت مريم تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالإله مخلصي لأنه نظر الى اتضاع أمته. (لوقا 1: 46-48)
فإني ابتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي. (حبقوق 3: 18)
- لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي. (مزمور 16: 9)
- أبتهج وأفرح برحمتك لأنك نظرت الى مذلتي. (مزمور 31: 7)
4 - فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني. (لوقا 1: 48)
- كل أُمم الأرض يطوبونه. (مزمور 72: 17)
5 - لينزع عاري بين الناس. (لوقا 1: 25)
- وذكر الإله راحيل وسمع لها الإله وفتح رحمها فحبلت وولدت ابناً،
فقالت قد نزع الإله عاري. (تكوين 30: 23)
6 - فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك. (لوقا 1: 38)
- فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك. (تكوين 30: 34)
7 - ومباركة هي ثمرة بطنك. (لوقا 1: 42)
ومباركة تكون ثمرة بطنك. (تثنية 28: 4)
8 - وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها. (لوقا 2: 19)
- وكانت أُمه تحفظ جميع هذه الأُمور في قلبها.  (لوقا 2: 51)
وأما أبوه فحفظ الأمر. (تكوين 37: 11)
9 - ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. (متّى 1: 25)
فلم يعد يعرفها أيضاً. (تكوين 38: 26)
- وكانت الفتاة جميلة جداً، فكانت حاضنة الملك وكانت تخدمه ولكن الملك لم يعرفها. (الملوك الاول 1: 4)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق