الثلاثاء، 24 يوليو 2018

مصدر اسم يسوع ولقب ابن الانسان والقدوس

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم السادس: النصوص المقتبسة من العهد القديم دون نسبتها له مباشرة
في هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص المقتبسة من العهد القديم والتي لم تُنسب إليه مباشرة، كما هو الحال في الأقسام السابقة، أو ما أُطلق عليه الحبكة القصصية والحوارية، وفيه سنطلع على معظم الأحداث والقصص والأقوال المذكورة في الأناجيل ومقارنتها بالعهد القديم وبواقع حال يسوع كما تصفه قوانين إيمان الكنائس، وأبدأ ببعض أسماء وألقاب يسوع.
1 - مصدر اسم يسوع
- فيوسف رجلها إذ كان بارّاً ولم يشأ أن يُشهرها أراد تخليتها سرّاً،
ولكن فيما هو مُتفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف ابن داوُد لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك،
لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح المقدس،
فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع،
لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم،
وهذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل،
 هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الإله معنا. (متّى 1: 19-23)
- فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الإله،
وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع،
هذا يكون عظيماً وابن العليّ يُدعى،
ويُعطيه الرب الإله كرسي داوُد أبيه،
ويملك على بيت يعقوب الى الأبد ولا يكون لملكه نهاية. (لوقا 1: 30-33)
في هذين النصين كتب متّى ولوقا سبب تسمية يسوع باسمه، فهل هذا هو الاسم الحقيقي لابن السيدة مريم أم أنه مقتبس من العهد القديم؟!
إن طرح هذا السؤال قد يعتبره بعض الطيبين من أتباع الكنائس ضرباً من الجنون! إذ كيف يحاول انسان التشكيك في اسم يسوع الذي عُرف به منذ أن تأسست هذه الكنائس؟!
ولكن بعد ظهور كل الحقائق السابقة فإنه يجب علينا التوقف أمام كل كلمة في الاناجيل بما فيها أسماء وألقاب يسوع للتأكد من حقيقتها وصدقها، وإن كانت هي فعلاً أسماء وألقاب له أم أنها مقتبسة من العهد القديم على طريقة كتبة الاناجيل التي رأيناها سابقاً لإثبات ما كانوا يؤمنون به، وللقول لأتباعهم أن ما كتبوه في الاناجيل إنما هو امتداد للعهد القديم ومن ذات المصدر.
أول ما نلاحظه على اسم يسوع هو هذا التلاعب في صيغة الكلمة فالكنائس تقول ان أصل كلمة يسوع هي يشوع المأخوذة من يهوشع وتعني الإله يخلص أو المخلص، والفرق اللفظي واضح بين يشوع أو يهوشع ويسوع، فلماذا تم تغيير أحرف الاسم، لو كان الاسم حقيقياً وصحيحاً؟
هل تم تغيير الكلمة لإبعاد الأنظار عن التشابه في الأسماء بينه وبين عشرات المخلصين من بني اسرائيل، الذين كان يُطلق عليهم كاسم أو كلقب، والذي تم اقتباس الاسم من أسمائهم؟!
ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح الحكمة، إذ وضع موسى عليه يديه، فسمع له بنو اسرائيل وعملوا كما أوصى الربُّ موسى. (تثنية 34: 9)
في هذا النص حديث عن يشوع بن نون وهنا نقرأ اسمه يشوع ولم يغيره مترجمو العهد القديم الى يسوع، كما أن يشوع، الذي يعني المخلص، كان قد قام بوظيفته كاملة فخلص بني اسرائيل من أعدائهم وقسّم الارض المقدسة على أسباطهم كما أوصاه موسى، في حين أن يسوع الذي تم التلاعب بحروف اسمه لم يقم بوظيفته التي حددها ملاك الرب في نص متّى وهي تخليص بني اسرائيل من خطاياهم أو من اضطهاد الرومان لهم.
- وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب،
فأقام الرب مُخلصاً لبني إسرائيل فخلصهم،
عثنيئيل بن قناز أخا كالب الأصغر،
فكان عليه روح الرب وقضى لإسرائيل وخرج للحرب فدفع الرب ليده كوشان رشعتايم ملك أرام واعتزّت يده على كوشان رشعتايم. (قضاة 3: 9-10)
- وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب فأقام لهم الرب مُخلصاً أهود بن جيرا البنياميني رجلاً أعسر فأرسل بنو إسرائيل بيده هدية لعجلون ملك موآب. (قضاة 3: 15)
- وأعطى الربُ إسرائيل مُخلصاً فخرجوا من تحت يد الأراميين وأقام بنو إسرائيل في خيامهم كأمس وما قبله. (الملوك الثاني 13: 5)
- فدفعتهم ليد مُضايقيهم فضايقوهم وفي وقت ضيقهم صرخوا إليك وأنت من السماء سمعت وحسب مراحمك الكثيرة أعطيتهم مُخلصين خلصوهم من يد مضايقيهم. (نحميا 9: 27)
من النصوص السابقة نجد أنه كان يوجد عشرات المخلصين في بني اسرائيل، أو بمعنى آخر اليهوشعيين أو اليشوعيين، أو اليسوعيين بحسب تغيير اللفظ في الاناجيل، ولكن ما ميزهم عن يسوع الأناجيل هو قيامهم بالوظيفة التي انتدبوا من أجلها فقاموا بتخليص بني اسرائيل من أعدائهم، في حين أن يسوع الأناجيل مع أن اسمه أو لقبه المخلص إلا أنه لم يقم بتخليص بني اسرائيل من أعدائهم أو من خطاياهم كما هو مكتوب في الاناجيل.
وما يوضح أن هذا الاسم ليس اسماً أصلياً لإبن السيدة مريم هو اسم يسوع في اللغات الأجنبية وهو Jesus فهذا الاسم كما نرى لا يمت بصلة ليسوع سواء من الناحية اللغوية، بمعنى أن كلمة Jesus لا تعني مخلص في أي لغة من اللغات، أو من الناحية اللفظية بمعنى تغيير بعض الأحرف من قبيل الاختلاف في نطق بعض الأحرف وكتابتها كما تلفظ في اللغات الأُخرى، مثل اسم موسى الذي يكتب باللغات الأجنبية Moses أو اسم داوُد الذي يكتب David فمع الاختلاف في نطق الاسمين إلا أنه يوجد تشابه بينها يشير الى أن أصلها واحد، في حين أن اسم Jesus لا يحمل أي تشابه مع اسم يسوع سواء في اللفظ أو في المعنى، وما يزيد الأمر وضوحاً هو أن حرف ( J ) ليس من أحرف الأبجدية العبرية القديمة أو الحديثة، ولا هو من أحرف الأبجدية اليونانية القديمة أو الحديثة التي كتبت بها الأناجيل، فإطلاق اسم يسوع أو Jesus على هذه الشخصية مع وجود هذه الفروق يدل على أنه ليس اسماً علماً له، بل تم اقتباسه من نصوص العهد القديم التي تحدثت عن مخلص لليهود سيأتي آخر الزمان فتم استعماله كاسم علم لهذه الشخصية مع تغيير اللفظ من يشوع أو يهوشع الى يسوع في اللغة العربية وتغييره بشكل كامل في اللغات الاجنبية الى Jesus.
كما أن الصفات المذكورة في النصين التي استوجبت إطلاق هذا الاسم على يسوع ليست متوفرة فيه كما يظهر لمن يقرأ الأناجيل، فمتّى يقول ان سبب تسميته يسوع هو لأنه يخلص شعبه من خطاياهم، ومن المعلوم أن يسوع لم يخلص اليهود من خطاياهم، بل حمّلهم خطايا فوق خطاياهم وذلك بصلبهم له كما تقول الأناجيل، ولوقا يقول إن الرب الإله يُعطيه كرسي داوُد أبيه، ويملك على بيت يعقوب الى الأبد ولا يكون لملكه نهاية، وهو لم يُعط كرسي داوُد أبيه، وداوُد ليس أباه أصلاً، لأن النسبين اللذين وضعا له لم ينسباه الى السيدة مريم بل نسباه الى يوسف النجار الذي هو ليس أباه بل خطيب أُمه! كما أن يسوع لم يملك على بيت يعقوب ولو لساعة من الزمن، لا بل انه رفض أن يكون ملكاً عليهم عندما حاول بعض اليهود تنصيبه ملكاً كما في النص التالي:
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
وما يدل على أن اسم يسوع ليس اسماً علماً لابن السيدة مريم هو استخدام مترجمو الأناجيل في اللغة التركية واللغة الفارسية واللغة الأُوردية التي يتكلم بها أهل باكستان، وكذلك في إحدى ترجمات الأناجيل باللغة العربية والتي يُطلق عليها الإنجيل الشريف، لاسم عيسى بدلاً يسوع، وهذا من غرائب مترجمي الأناجيل لأن الكنائس تقول أن اسم عيسى اسم محرف للمسيح فلماذا يتم استخدامه في هذه اللغات لو كانوا يؤمنون أنه اسم علم لابن السيدة مريم؟!
من هذا الشرح نخرج بنتيجة وهي أن اسم يسوع ليس اسماً علماً للمسيح ابن مريم، بل هو مقتبس من العهد القديم كعادة كتبة الاناجيل في الاقتباس منه، بغض النظر عن مدى صحة الاقتباس مع العهد القديم أو مدى مطابقته لما هو مكتوب في الاناجيل ذاتها! وهذا يدل على أن قانون لا تقبل خبراً كاذباً ينطبق على هذا الاسم.
2 - مصدر اسم أو لقب ابن الإنسان
ابن الإنسان هو اسم أو لقب أطلقه كتبة الاناجيل على يسوع في أناجيلهم أكثر من ثمانين مرة، فهل هذا الاسم أو اللقب ينطبق على يسوع بالصفات التي يوصف بها في الاناجيل وقوانين إيمان الكنائس، أم هل ينطبق على يسوع بالنص المقتبس منه في العهد القديم؟
تجمع الكنائس المختلفة على ان لقب ابن الانسان مُقتبس من النص التالي:
- كنتُ أرى في رؤى الليل وإذا مع سُحب السماء مثل ابن إنسان،
أتى وجاء إلى القديم الأيام فقرّبوه قدّامه،
فأُعطي سُلطاناً ومجداً ومملكة لتتعبد له كل الشعوب والأُمم والألسنة،
سلطانه سلطانٌ أبديّ ما لن يزول، ومملكته ما لا تنقرض. (دانيال 7: 13-14)
في هذا النص وهو عبارة عن حلم لدانيال يقول انه رأى مثل ابن انسان على سحب السماء، جاء وأتى الى القديم الايام وقرّبوه قدّامه! ويُقصد به الرب، فأعطاه الرب سلطاناً ومجداً ومملكة لتخضع له كل الشعوب، والسلطان الذي أُعطي له أبدي ولن يزول، ومملكته لا تنقرض!
فهل صفات ابن انسان هذا تدل على حمله لصفات إلهية تستوجب عبادته مع الرب خالق السموات والأرض، وهل هي صفات تنطبق على يسوع؟!
أما بخصوص حمله لصفات إلهية فهذه ليست متوفرة فيه، لأن العهد القديم لا يتحدث إلا عن إله حقيقي واحد وهو الرب خالق السموات والارض، كما ان تقديمه لقديم الأيام وإعطائه المجد والسلطان والمملكة تؤكد على أنه غير مساو للرب ولا من نفس الجوهر، والعهد القديم يؤكد في عشرات النصوص على أن الرب لا يُشبهه أحد من المخلوقات ولا يساويه أحد، وأنه ليس إنساناً ولا يسكن مع الانسان على الارض كما بينت ذلك سابقاً، فهذا النص لا يدل على حمل ابن انسان هذا لصفات إلهية ولا على مشابهته للرب خالق السموات والارض، سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.
وأما بخصوص مدى مطابقة صفات ابن انسان هذا لصفات يسوع كما كتبت في الاناجيل الاربعة، فهي بالتأكيد لا تنطبق على يسوع لأن يسوع لم يكن له أي سلطان أو مجد أو مملكة طوال حياته، لا بل إنه رفض ان يصبح ملكاً عندما حاول بعض اليهود تنصيبه ملكاً عليهم، فطيف ستخضع كل الشعوب لسلطانه؟!
كما أنه قال كما كتب يوحنا على لسانه ان مملكته ليست من هذا العالم، وأما نهايته كما تقول الاناجيل معلقاً على الصليب فهي تصرخ بأعلى صوت أنه ليس ابن انسان المذكور في نص دانيال.
وأما حديث النص عن السلطان والمملكة الأبدية، فإذا لم يكن ليسوع مملكة ولا سلطان، فكيف سنتحدث عن أبدية السلطان أو المملكة وعدم انقراضهما؟!
من هنا نعلم خطأ كتبة الاناجيل في اقتباس هذا الاسم أو اللقب ليسوع، وهو ما أوقعهم في تناقضات كثيرة، سواء التناقضات السابقة أي الحديث عن السلطان والمملكة، أو مع ما يؤمنون به من صفات ليسوع وسأضرب على ذلك بعض الأمثلة.
- لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يُغفر للناس،
وأما التجديف على الروح فلن يُغفر للناس،
ومن قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له،
وأما من قال على الروح المقدس فلن يُغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي. (متّى 12: 31-32)
في هذا النص نقرأ أن من يُجدّف على الروح المقدس فانه لن يُغفر له، ومن يُجدف على ابن الانسان، أي يسوع، يُغفر له! وهذا يدل على أن الأقانيم الثلاثة غير متساوية لأنها لو كانت متساوية لكان التجديف على أحدهم تجديفاً على الآخرين لأنهم واحد ومن نفس الجوهر، فهذا النص ينقض قوانين إيمان الكنائس أو ان تلك القوانين تنقض هذا النص!
كما أن العهد القديم عندما حدد عقوبة على من جدف على اسم الرب لم يتحدث عن الأقانيم الثلاثة واستثني بعضاً منها من العقوبة! فهو تحدث عن التجديف على اسم الرب وحده، كما في النص التالي:
ومن جدّف على اسم الرب فإنه يُقتل، يرجمه كل الجماعة رجماً، الغريب كالوطني عندما يُجدّف على الاسم يُقتل. (لاويين 24: 16) 
فعدم ذكر الرب للأقانيم دليل على عدم وجودها، بالإضافة الى أن الرب لم يتحدث عن عقوبة تقع على من يُجدف على الروح المقدس، وغفران خطيئة من يجدف على يسوع أو على ابن الإنسان.
- فأجاب وقال لهم هو واحد من الاثني عشر،
الذي يغمس معي في الصحفة،
إن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه،
ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلّم ابن الإنسان،
كان خيراً لذلك الرجل لو لم يُولد. (مرقس 14: 20-21)
- فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد، قائلاً إنه ينبغي أن ابن الإنسان يتألم كثيراً ويُرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم. (لوقا 9: 22)
- وإذ كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل يسوع قال لتلاميذه، ضعوا أنتم هذا الكلام في آذانكم،
إن ابن الإنسان سوف يُسلّم إلى أيدي الناس،
وأما هم فلم يفهموا هذا القول وكان مُخفىً عنهم لكي لا يفهموه،
وخافوا أن يسألوه عن هذا القول. (لوقا 9: 44-45)
هذه النصوص تقول ان ابن الانسان مكتوب عنه في العهد القديم، فأين قرأ مرقس ولوقا أن ابن الانسان سيُضرب ويُجلد ويُبصق عليه ويُعلق على الخشبة، ولا يوجد نص في العهد القديم يتحدث عن ابن الانسان هذا سوى نص دانيال، وإن كان يوجد بعض النصوص التي تتحدث عن ابن الانسان ولكنها لا تقصد هذا الشخص، وفيما يلي نصين من تلك النصوص:
فمن هو الانسان حتى تذكره، وابن آدم حتى تفتقده،
وتنقصه قليلاً عن الملائكة،
وبمجد وبهاء تكلله، تسلطه على أعمال يديك، جعلت كل شيء تحت قدميه،
الغنم والبقر جميعاً وبهائم البرّ أيضاً، وطيور السماء وسمك البحر السالك في سبل المياه،
أيها الرب سيدنا ما أمجد اسمك في كل الارض. (مزمور 8: 4-9) 
- يا رب أي شيء هو الانسان حتى تعرفه،
أو ابن الانسان حتى تفتكر به،
الانسان أشبه نفخة، أيامه مثل ظل عابر. (مزمور 144: 3-4)
هذان النصان يتحدثان عن ابن الانسان ولكنهما لا يقصدان ابن الانسان الذي ذكره دانيال، كما نلاحظ أن مترجمي النسخة العربية كتبوا ابن آدم مع أنه مكتوب في كل النسخ الانجليزية ابن الانسان سواء في النسخة العبرانية أو النسخة السبعينية أو نسخة الملك جيمس.
- وحينئذ يُبصرون ابن الإنسان آتياً في سحابة بقوة ومجد كثير. (لوقا 21: 27)
في هذا النص يقول لوقا ان اليهود في ذلك الزمان سيبصرون ابن الانسان، أي يسوع، آتياً في سحابة بقوة ومجد، ونحن الآن بعد قرابة التسعة عشر قرناً من موت أُولئك اليهود ولم يره أحد آتياً في سحابة! مع أنه وعد تلاميذه بالمجيء قبل موتهم جميعاً كما في النص التالي:
- الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في مملكته. (متّى 16: 28)
وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء. (يوحنا 3: 13)
في هذا النص كتب يوحنا انه لم يصعد الى السماء إلا الذي نزل من السماء وهو ابن الانسان!
وهذا القول من الغريب ألا ينتبه له يوحنا، لأن الأناجيل قالت أن يسوع نزل من بطن أُمه كباقي البشر ولم ينزل من السماء! كما أن هذا القول خطأ لأن يسوع لم يكن أول من صعد الى السماء لأن العهد القديم يذكر أن إيليا صعد الى السماء قبل ولادة يسوع بمئات السنين كما في النص التالي:
- وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة الى السماء، وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها، ولم يره بعد، فأمسك ثيابه ومزقها قطعتين. (الملوك الثاني 2: 11-12)
- فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان. (متّى 10: 23)
في هذا النص يكتب متّى على لسان يسوع أنه قال لتلاميذه أنهم لن يكملوا التبشير في جميع مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان، وهذا الأمر لم يتحقق، فقد أكمل التلاميذ التبشير في مدن إسرائيل وماتوا كلهم، وجاء بعدهم من أكمل التبشير في مدن معظم دول العالم ولم يأت ابن الإنسان!
فهذه الأخطاء وغيرها توضح أن اسم أو لقب ابن الإنسان لا ينطبق على يسوع وهو ما يدل على أن هذه التسمية خاطئة وينطبق عليها قانون لا تقبل خبراً كاذباً.
3 - مصدر لقب أو اسم القدوس الذي يُطلق على يسوع
توجد في الأناجيل عدة نصوص تطلق على يسوع لقب أو اسم قدوس للإيحاء بأن يسوع يحمل صفات إلهية توجب عبادته مع الرب أو دونه، فما هو مصدر هذا اللقب، وهل ينطبق على يسوع، وهل كان يسوع الوحيد من البشر الذي أُطلق عليه لقب القدوس؟ وهل هذا اللقب يشير الى أن من يطلق عليه يحمل صفات إلهية توجب عبادته من مع الرب؟ وفيما يلي بعض نصوص الأناجيل:
- فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً،
فأجاب الملاك وقال لها الروح المقدس يحلّ عليك وقوة العليّ تظللك،
فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الإله،
وهو ذا اليصابات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها،
وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً،
لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الإله،
فقالت مريم هو ذا أنا أمة الرب، ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك. (لوقا 1: 34-38)
- ثم دخلوا كفر ناحوم وللوقت دخل المجمع في السبت وصار يُعلم، فبُهتوا من تعليمه لأنه كان يُعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة،
وكان في مجمعهم رجل به روح نجس فصرخ، قائلاً آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري أتيت لتهلكنا،
أنا أعرفك من أنت قدوس الإله،
فانتهره يسوع قائلاً اخرس واخرج منه. (مرقس 1: 21-24)
- وانحدر الى كفر ناحوم مدينة من الجليل وكان يُعلمهم في السبوت،
فبُهتوا من تعليمه لأن كلامه كان بسلطان، وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس فصرخ بصوت عظيم، قائلاً آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا،
أنا أعرفك من أنت قدوس الإله. (لوقا 4: 31-34)
هذه ثلاثة نصوص تتحدث عن يسوع باعتباره قدوس الإله، وهذه كما قلت محاولة من كتبة الأناجيل للإيحاء بأن يسوع هو ابن الإله، وإن كان لوقا قد صرح بهذا الأمر في النص الأول، فما هو مصدر هذا اللقب؟
في الحقيقة يوجد عشرات النصوص التي تصف الرب بالقدوس وقدوس إسرائيل، وهذه الصفة تطلق على الرب كدليل على العظمة والقوة والقدرة والتفرد والوحدانية، وسأكتفي هنا بذكر نصين يظهران هذه المعاني، وهما بحاجة الى تأمل في معانيهما أكثر من شرحهما لندرك الفرق بين كلمة القدوس التي تطلق على الرب خالق السموات والأرض وكلمة قدوس التي أُطلقت على يسوع في الأناجيل، وهما كما يلي:
فبمن تشبهوني فأُساويه يقول القدوس،
ارفعوا الى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه،
من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء،
لكثرة القوة وكونه شديد القدرة، لا يُفقد أحد،
لماذا تقول يا يعقوب وتتكلم يا إسرائيل قد اختفت طريقي عن الرب وفات حقيّ إلهي،
أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر الرب خالق كل أطراف الأرض،
لا يكلّ ولا يعيا، ليس عن فهمه فحص،
يُعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يُكثر شدّة. (إشعياء 40: 25-29) 
في هذا النص نقرأ كلاماً جميلاً عن عدم مساواة الرب لأي شيء نشبهه به، حتى لو أطلق عليه كتبة الأناجيل اسم قدوس أو قدوس الإله، وخاصة قوله ان الرب لا يكلّ ولا يعيا، في حين نقرأ عن يسوع انه كان يتعب إذا مشى بضعة كيلو مترات، كما في النص التالي:
- فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر. (يوحنا 4: 6)
فبمن تشبه الأناجيل والكنائس الرب القدوس فيساويه، هل يشبه ويساوي يسوع الذي كان يتعب من المشي بضعة كيلو مترات الرب خالق السموات والأرض الذي لم يكل ولم يعيا بخلقهن؟
أنا الرب وليس آخر،
لا إله سواي،
نطّقتك وأنت لم تعرفني،
لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها أن ليس غيري،
أنا الرب وليس آخر،
مُصوّر النور وخالق الظُلمة،
صانع السلام،
وخالق الشّر،
أنا الرب صانع كل هذه. (إشعياء 45: 5-7)
- ويل لمن يخاصم جابله،
خزف بين أخزاف الأرض،
هل يقول الطين لجابله ماذا تصنع،
أو يقول عملك ليس له يدان،
ويل للذي يقول لأبيه ماذا تلد وللمرأة ماذا تلدين،
هكذا يقول الرب قدّوس إسرائيل وجابله اسألوني عن الآتيات،
من جهة بنيّ ومن جهة عمل يدي أوصوني،
أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها،
يداي أنا نشرتا السموات وكل جندها أنا أمرت. (إشعياء 45: 9-12)
- حقاً أنت إله مُحتجب يا إله إسرائيل المخلّص،
قد خزوا وخجلوا كلها،
مضوا بالخجل جميعاً الصانعون التماثيل،
أما إسرائيل فيخلُص بالرب خلاصاً أبدياً،
لا تخزون ولا تخجلون إلى دهور الأبد،
لأنه هكذا قال الرب خالق السموات هو الإله،
مصور الأرض وصانعها، هو قرّرها، لم يخلقها باطلاً، للسكن صورها،
أنا الرب وليس آخر،
لم أتكلم بالخفاء في مكان من الأرض مظلم، لم أقل لنسل يعقوب باطلاً اطلبوني،
أنا الربّ مُتكلم بالصدق مُخبر بالاستقامة،
اجتمعوا وهلمّوا تقدّموا أيها الناجون من الأُمم،
لا يعلم الحاملون خشب صنمهم والمُصلّون إلى إله لا يُخلّص،
أخبروا قدّموا وليتشاوروا معاً،
من أعلم بهذه منذ القديم، أخبر بها منذ زمان،
أليس أنا الرب ولا إله آخر غيري،
إلهٌ بارُّ،
ومُخلّص ليس سواي، 
التفتوا إليّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض،
لأني أنا الإله وليس آخر،
بذاتي أقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع،
إنه لي تجثوا كل ركبة يحلف كل لسان،
قال لي إنما بالرب البر والقوة إليه يأتي ويخزى جميع المغتاظين عليه،
بالرب يتبرر ويفتخر كل نسل إسرائيل. (إشعياء 45: 15-25)
هل نقرأ في هذا النص أي كلام عن الأقانيم الثلاثة أو عن يسوع؟
إن قراءة هذا النص بقلوب وعيون مفتوحة سوف ترشد الناس الطيبين الى حقيقة ما هو مكتوب في الأناجيل وقوانين إيمان الكنائس من مخالفة لصفات الرب خالق السموات والأرض الذي ليس سواه إله وليس دونه إله وليس معه إله.
بعد هذين النصين اللذين يبينان معنى القدوس الذي يُطلق على الرب خالق السموات والأرض، نأتي للحديث عن هل كان يسوع الوحيد من البشر الذي أُطلق عليه لقب القدوس؟ وهل هذا اللقب يشير الى أن من يُطلق عليه يحمل صفات إلهية توجب عبادته من مع الرب؟ فنقرأ النصوص التالية:
وهارون قدوس الرب. (مزمور 106: 16)
هذا النص يقول ان هارون قدوس الرب، ولم يقل العهد القديم أو الجديد أو أحد من الناس أنه إله من دون الرب لأنه قدوس الرب.
إن الذي يبقى في صهيون والذي يُترك في أورشليم يُسمى قدوساً. (إشعياء 4: 3)
وهذا النص يقول ان كل من يعيش في أورشليم يُسمى قدوساً!
وكلم الرب موسى قائلاً كلّم كل جماعة بني إسرائيل وقل لهم تكونون قديسين لأني قدّوس الرب إلهكم، تهابون كل إنسان أُمه وأباه وتحفظون سبوتي،
أنا الرب إلهكم، لا تلتفتوا إلى الأوثان،
وآلهة مسبوكة لا تصنعوا لأنفسكم، أنا الرب إلهكم. (لاويين 19: 1-4)
فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا الرب إلهكم. (لاويين 20: 7)
فتميزون بين البهائم الطاهرة والنجسة وبين الطيور النجسة والطاهرة،
وتكونون لي قديسين لأني قدوس. (لاويين 20: 25-26)
وهذه النصوص تقول إن كل من يلتزم بالشريعة يكون قدوساً وأهم وصايا الشريعة هي عبادة الرب الإله الحق الواحد وهو ما لم يلتزم به كتبة الأناجيل.
وكذلك يكون قدوساً كل من يميز بين البهائم والطيور النجسة وبين البهائم والطيور الطاهرة وهو ما لم يلتزم به كتبة العهد الجديد كلهم ووافقتهم الكنائس المختلفة على عدم التمييز بين اللحوم النجسة والطاهرة فاستباحوا اللحوم النجسة كلحم الخنزير وغيره.
من هنا أستطيع القول أن كلمة القدوس أو قدوس الإله لا تعني أن من تطلق عليه يحمل صفات إلهية توجب عبادته من دون الرب، وأن ما كتب في الأناجيل مقتبس من نصوص العهد القديم، للإيحاء بأن ما يكتبوه من ذات المصدر لإضفاء حالة من القداسة عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق