الخميس، 26 يوليو 2018

مصدر قول يسوع أن داؤد ذهب الى بيت الإله في أيام الكاهن أبيأثار وأكل خبز التقدمة وأعطى الذين كانوا معه

الفصل الثالث: مصادر الأناجيل وطريقة تأليفها وكتابتها

القسم الخامس: النصوص المستشهد بها في الحوارات والمجادلات
في هذا القسم سنطلع على بعض الحوارات والمُجادلات التي كتبت في الأناجيل وتم الاستشهاد فيها بنصوص من العهد القديم لنرى إن كان كتبة الأناجيل قد نجحوا في كتابة تلك الحوارات والمُجادلات بما يتوافق مع نصوص الأناجيل ونصوص العهد القديم أم أنهم كتبوا حوارات ومجادلات تتناقض مع نصوص الأناجيل ونصوص العهد القديم كما ظهر لنا في القسم السابق.
9 - مصدر قول يسوع أن داوُد ذهب الى  بيت الإله في أيام الكاهن أبيأثار وأكل خبز التقدمة وأعطى الذين كانوا معه
- في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع،
فجاع تلاميذه وابتدأوا يقطفون سنابل ويأكلون،
فالفريسيون لما نظروا قالوا له هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحلّ فعله في السبت،
فقال لهم أما قرأتم ما فعله داوُد حين جاع هو والذين معه، كيف دخل بيت الإله وأكل خبز التقدمة الذي لم يحل أكله له ولا للذين معه بل للكهنة فقط،
أو ما قرأتم في التوراة أن الكهنة في السبت في الهيكل يُدنسون السبت وهم أبرياء،
ولكن أقول لكم إن ههنا أعظم من الهيكل،
فلو علمتم ما هو، إني أُريد رحمة لا ذبيحة، لما حكمتم على الابرياء، فإن ابن الانسان هو رب السبت أيضاً. (متّى 12: 1-8)
- واجتاز في السبت بين الزروع، فابتدأ تلاميذه يقطفون السنابل وهم سائرون،
فقال له الفريسيون انظر، لماذا يفعلون في السبت ما لا يحل،
فقال لهم أما قرأتم قط ما فعله داوُد حين احتاج وجاع هو والذين معه، كيف دخل بيت الإله في أيام أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة وأعطى الذين كانوا معه أيضاً،
ثم قال لهم السبت إنما جُعل لأجل الانسان لا الانسان لأجل السبت،
إذاً ابن الانسان هو رب السبت أيضاً. (مرقس 2: 23-28)
- وفي السبت الثاني بعد الأول اجتاز بين الزروع، وكان تلاميذه يقطفون السنابل ويأكلون وهم يفركونها بأيديهم،
فقال لهم قوم من الفريسيين لماذا تفعلون ما لا يحل فعله في السبوت،
فأجاب يسوع وقال لهم أما قرأتم ولا هذا الذي فعله داوُد حين جاع هو والذين كانوا معه، كيف دخل بيت الإله وأخذ خبز التقدمة وأكل وأعطى الذين معه أيضاً، الذي لا يحل أكله إلا للكهنة فقط،
وقال لهم إن ابن الانسان هو رب السبت أيضاً. (لوقا 6: 1-5)
هذه النصوص تمثل حواراً آخر كتب في الأناجيل الثلاثة بين يسوع والفريسيين، وهي تمثل أيضاً دليلاً واضحاً على عدم كتابة الأناجيل عن طريق الوحي أو بسوق من الروح المقدس لما تتضمنه من أخطاء.
الخطأ الأول وهو قول مرقس أن داوُد ذهب الى أبيأثار رئيس الكهنة، والصحيح كما هو مذكور في العهد القديم أن داوُد ذهب الى أخيمالك الكاهن!
الخطأ الثاني وهو قولهم الثلاثة أن داوُد كان معه جماعة من الناس والصحيح أنه كان وحده.
الخطأ الثالث وهو قولهم ان داوُد أكل خبز التقدمة الذي لا يحل له أكله، والصحيح أنه أكل الخبز بعد أن أقنع أخيمالك الكاهن أنه يجوز له أن يأكله.
وهذه الأخطاء سنناقشها ولكن بعد قراءة القصة من العهد القديم وهي كما يلي:
- فجاء داوُد الى نُوب الى أخيمالك الكاهن فاضطرب أخيمالك عند لقاء داوُد وقال له لماذا أنت وحدك وليس معك أحد، فقال داوُد لأخيمالك الكاهن إن الملك أمرني بشيء وقال لي لا يعلم أحد شيئاً من الأمر الذي أرسلتك فيه وأمرتك به،
وأما الغلمان فقد عيّنت لهم الموضع الفلاني والفلاني، والآن فماذا يوجد تحت يدك، أعط خمس خبزات في يدي أو الموجود،
فأجاب الكاهن داوُد وقال لا يُوجد خبز محلل تحت يدي ولكن يُوجد خبز مقدس إذا كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم لاسيما من النساء،
فأجاب داوُد الكاهن وقال له إن النساء قد مُنعت عنا منذ أمس وما قبله عند خروجي وأمتعة الغلمان مقدسة وهو على نوع محلل واليوم أيضاً يتقدس بالآنية،
فأعطاه الكاهن المقدس لأنه لم يكن هناك خبز إلا خبز الوجوه المرفوع من أمام الرب لكي يوضع خبز سُخن في يوم أخذه،
وكان هناك رجل من عبيد شاول في ذلك اليوم محصوراً أمام الرب اسمه دُواغ الأدومي رئيس رعاة شاول،
وقال داوُد لأخيمالك أفما يُوجد هنا تحت يدك رمح أو سيف لأني لم آخذ بيدي سيفي ولا سلاحي لأن أمر الملك كان معجّلاً،
فقال الكاهن إن سيف جليات الفلسطيني الذي قتلته في وادي البطم ها هو ملفوف في ثوب خلف الأفود فإن شئت أن تأخذه فخذه لأنه ليس آخر سواه هنا فقال داوُد لا يُوجد مثله أعطني إيّاه. (صموئيل الأول 21: 1-9)
هذا هو النص الذي يتحدث عن ذات القصة التي أشار إليها كتبة الاناجيل وقالوا ان يسوع استشهد بها في جوابه على الفريسيين وفيه تظهر الأخطاء التي أشرت إليها سابقاً.
أول تلك الأخطاء وهو اسم الكاهن فمرقس كتب ان الكاهن كان اسمه أبيأثار والقصة هنا تقول ان اسم الكاهن هو أخيمالك! هذا الخطأ في تحديد اسم الكاهن لمن نرجعه؟
هل نرجعه ليسوع الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر؟
أم نرجعه للروح المقدس الاقنوم الثالث من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، والذي كان يسوق كتبة الأناجيل كما تقول الكنائس المختلفة؟
أم نرجعه لمرقس الذي كتب اسم الكاهن خطأ؟
وأخيراً فإن النسخة السبعينية تختلف مع النسخ الأُخرى في تحديد اسم الكاهن إذ تقول أن اسمه أبيمالك وليس أخيمالك ولا أبيأثار! كما في النصوص التالية:
نص مرقس من نسخة الملك جيمس:
2:25 And he said unto them, Have ye never read what David did, when he had need, and was an hungred, he, and they that were with him?
2:26 How he went into the house of God in the days of Abiathar the high priest, and did eat the showbread, which is not lawful to eat but for the priests, and gave also to them which were with him?
نص صموئيل من نسخة الملك جيمس:
21:1 Then came David to Nob to Ahimelech the priest: and Ahimelech was afraid at the meeting of David, and said unto him, Why [art] thou alone, and no man with thee?
نص صموئيل من النسخة العبرانية:
21:2 Then came David to Nob to Ahimelech the priest; and Ahimelech came to meet David trembling, and said unto him: 'Why art thou alone, and no man with thee?'
نص صموئيل من النسخة السبعينية:
21:1 And David comes to Nomba to Abimelech the priest: and Abimelech was amazed at meeting him, and said to him, Why art thou alone, and nobody with thee?
الخطأ الثاني وهو قول الاناجيل الثلاثة إن داوُد كان معه أُناس في ذلك الوقت مع أن كلام الكاهن أخيمالك كان واضحاً عندما سأل داوُد وقال له لماذا أنت وحدك وليس معك أحد، فهذا يدل على أن داوُد لم يكن معه أحد بخلاف ما كتب متّى ومرقس ولوقا في أناجيلهم!
ومن يقرأ القصة كلها كما هي مكتوبة في كتاب صموئيل يعلم ان داوُد عندما هرب من الملك شاول لم يكن معه أحد، ومنها النص التالي:
- فقال يوناثان لداوُد اذهب بسلام لأننا كلينا قد حلفنا باسم الرب قائلين الرب يكون بيني وبينك وبين نسلي ونسلك الى الأبد،
فقام وذهب وأما يوناثان فجاء الى المدينة. (صموئيل الاول 20: 42)
الخطأ الثالث وهو قولهم ان داوُد أكل من الخبز الذي لا يحل له أكله، لأن داوُد لم يأكل من خبز التقدمة حتى أقنع الكاهن انه لا مانع شرعي من أكله ذلك الخبز، وهذا نقرأه في الحوار الذي دار بينهما: فأجاب الكاهنُ داوُد وقال لا يوجد خبز محلل تحت يدي ولكن يوجد خبز مقدس إذا كان الغلمان قد حفظوا أنفسهم لاسيما من النساء، فأجاب داوُد الكاهن وقال له إن النساء قد مُنعت عنا منذ أمس وما قبله عند خروجي وأمتعة الغلمان مقدسة وهو على نوع محلل واليوم أيضاً يتقدس بالآنية، ففي هذا الحوار نقرأ ان الكاهن يقول انه لا يوجد خبز محلل ولكن يوجد خبز مقدس ولكن شرط تناوله ان يكون داوُد والغلمان الذين معه قد حفظوا أنفسهم من النجاسات وخصوصاً اقترابهم من النساء، فيجيبه داوُد بقوله انهم لم يقربوا النساء منذ عدة أيام وأن أمتعة الغلمان الذين معه مقدسة، وهذا يعني ان هذا الخبز ليس محرماً عليهم بل هو على نوع محلل، وفي هذا إشارة واضحة الى ان داوُد لم يستبح خبز التقدمة كما كتب متّى ومرقس ولوقا في اناجيلهم على لسان يسوع! مما يعني خطأ الاستشهاد بهذه القصة على محاولة نقض السبت، وهو يدل على ان ما كتب في الأناجيل الثلاثة عن هذه القصة ينطبق عليه قانون لا تقبل خبراً كاذباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق